أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مصر...الحكومة التي لا تتوب .. د. عوض السليمان

دكتوراه في الإعلام - فرنسا


أشك في عروبة كل عربي لا يحب مصر أو لا يحنّ إليها، إنها البلد الذي ينافس حبه في قلوبنا بلادنا الأصلية، إنني أعلم أن كل عربي مغرم بمصر، ولكن الحيرة تتعبنا والتفكير يرهقنا فما تفعله الحكومة المصرية من استمرار علاقاتها بالصهاينة يجعل الحليم حيراناً، فالأمر البديهي،والذي لا يحتاج إلى كثير من نخوة أو كرامة أن تقوم مصر على الفور بقطع علاقاتها الدبلوماسية كافة مع العدو الصهيوني وتنسحب من أي اتفاقية مع هذا الكيان الإرهابي.


فمن غير من المعقول أن تقوم المخابرات الصهيونية بالتجسس على مصر ومحاولة الإضرار بأمنها، وخلق القلاقل والمشكلات على أرضها جهاراً نهاراً، وتصمت القيادة المصرية عن الحدث صمت القبور وكأن شيئاً لم يكن.


الحكومة المصرية أعلنتها حرباً إعلامية شعواء على إيران، بادعائها أن الأخيرة تهدد الأمن القومي المصري، وأنها تنشر التشيع في البلاد، ولم تقدم الحكومة المصرية دليلاً واحداً على الأنشطة الإيرانية في مصر، لا في سيناء ولا في دمنهور حيث احتفالات "أبو حصيرة"، ولا في شرم الشيخ. أما اليوم فنحن مباشرة أمام قضية تجسس سمعت بها الدنيا وظهر مجرموها على شاشات المرئيات، وقالوها صراحة، لقد قطع الصهاينة (الشابكة) الانترنت عن مصر في العام 2008 مما تسبب في خسائر اقتصادية فادحة، ولقد اعتدى الصهاينة على قطاع السياحة في مصر، من خلال عملية الفك المفترس، كما أرادت المخابرات الصهيونية إثارة المشكلات في سيناء من خلال الإخلال بأمن السياح الأجانب الذين يزورون مصر. هل تعرف القيادة المصرية لماذا يفعل الصهاينة ذلك أم تحتاج لطفل صغير حتى يشرح لها الحقيقة، الحقيقة التي تقول أن العدو الأوحد لمصر في هذا الدنيا هو الكيان الصهيوني، وليس حماس ولا سورية ولا حزب الله ولا إيران ولا أحد.


لا تريد الحكومة المصرية، أن يكون على حدودها دولة إسلامية، وهي تقصد بذلك غزة، ولكنها لا تمانع من إقامة دولة يهودية، فهل أصبح الإسلام خطراً على مصر، لدرجة أنها تحاربه ولا تريده، كأنما هو البعبع الذي يقض مضاجع قادة القاهرة. وهل أصبح الكيان الصهيوني صديق مصر وحافظ ُ أمنها، ماذا يمكن أن تقول القيادة المصرية الآن للجماهير العربية وهي تحافظ على علاقاتها مع هذه الدولة المسخ التي قامت على جثث الشهداء من أبناء فلسطين والأمة العربية ومن أبناء مصر نفسها.


ليت الحكومة المصرية تشرح لنا ما يحدث بالضبط، وكيف تسكت إلى اليوم عن كل هذا الإرهاب الصهيوني بحقها، في الوقت الذي تهدد فيه بكسر أرجل الغزاويين إذ دخلوا البلاد، وهم لا يدخلون للتجسس والتلاعب بالأمن القومي المصري فهم ما دخلوا إلا لتلقي العلاج وشراء الخبز، فأين أبو الغيط اليوم من ضرورة تكسير أرجل الصهاينة والذين لا يدخلون مصر إلا للتجسس عليها وإضعافها.


أ فلا تهتم القيادة المصرية لتصريحات "عاموس يادلين" الرئيس السابق للاستخبارات الصهيونية عندما يقول " مصر هي الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية" وعندما يقول "لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي ......في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية".


تصوروا أن يتفوه الرئيس الإيراني مثلاً أو الملك السعودي بهذه العبارات ضد مصر، ماذا كانت ستعمل القيادة المصرية، لا شك أنها كانت ستقطع العلاقات الدبلوماسية وربما تهدد، وتجيش الجيوش. أما في حالة الصهاينة، فلن يقطع أبو الغيط ولا قيادته العلاقات مع العدو من أجل شبكة جواسيس، فقد قال الرجل مرة أن مصر لا تقطع علاقاتها مع الصهاينة من أجل فيلم ، وكان يتحدث في هذا عن فيلم ظهر فيه جنود الاحتلال وهم يتلذذون بقتل مائتين وخمسين جندياً مصرياً ويدفنونهم في مقابر جماعية في سيناء.


من هنا يستغرب المرء نخوة الحكومة المصرية التي تظهر بجلاء ضد العرب والمسلمين بل وضد تيارات وطنية من شعبها، بينما تنعدم هذه النخوة كلية في حال التعامل مع الكيان الصهيوني.


هذه ليست المرة الأولى التي يتجسس فيها الصهاينة على مصر، ولن تكون الأخيرة بالطبع في ظل الوضع الحالي. ففي عام 1996 تم القبض على الجاسوس عزام عزام، وهو يعمل لصالح العدو، وللأسف الشديد فقد أفرجت عنه الحكومة المصرية عام 2005 وأعادته إلى تل أبيب ليستقبل هناك استقبال الأبطال ولم يراع أحد مشاعر مصر وكيف تراعى وهي من فرط بحقها وأطلق الجاسوس الذي عمل ضدها.


وفي عام 1997 ألقي القبض على سمير عثمان وهو يتجسس لصالح العدو، وفي عام 2001 تتكرر المأساة ويتم اكتشاف جاسوس جديد اسمه شريف الفيلالي. وفي عام 2007 تم اكتشاف عدة شبكات تجسس دفعة واحدة تعمل في مصر وخارجها للإضرار بالمصالح المصرية العليا.


كل هذا، ولم تنبس مصر ببنت شفة ولم تفكر أن تقطع علاقاتها بهذا العدو الغاشم الذي لا يرعوي مرة بعد مرة عن تكرار الإساءة لبلد تربطه به معاهدة سلام.


فليفسر لنا أحد هذه المهزلة، فمنذ اتفاقية العار التي وقعها السادات إلى اليوم وشبكات التجسس تكتشف الواحدة تلو الأخرى ولا تحرك مصر ساكنا، كأنها ليست المقصودة، بينما يغضب قياديوها من صواريخ حماس ومن المقاومة ضد العدو.


منذ ذلك الحين وإلى اليوم ونحن لا نرى إلا تقرباً باتجاه الصهاينة، هذا التقرب والتمسكن اللذان يرفضهما كل أبناء مصر. ويتظاهر المصريون ويطالبون بالتنصل من معاهدة ما يسمى السلام، وتخالف القيادة آراء الشعب، بل وما تزداد إلا خضوعاً للإملاءات الصهيونية، لدرجة أن رجال المخابرات في مصر يقدمون النصح للعدو لمساعدته في إسقاط المقاومة الفلسطينية. أ فيعقل أن يكون الصهاينة أقرب للقيادة المصرية من أهل فلسطين.


لم تفقد مصر دورها في المنطقة، بل لنقل أن هناك مشكلة واضحة في دور القيادة المصرية ليس في قيادة مصر فحسب، بل في قيادة الأمة العربية جمعاء. اهتزت ثقة الجماهير العربية في مصر بسبب اهتزاز هذه الثقة بالقيادة المصرية. نحن نغار على مصر ولأننا نحبها، نحلم دائماً أن تقطع الحكومة المصرية كل علاقاتها بالكيان الصهيوني وتأخذ زمام المبادرة لتقود الأمة العربية بشعوبها وحكوماتها نحو تحرير فلسطين كلها، ونحو رسم صورة حقيقية للوجه العربي الإسلامي الذي يعشق السلام ولا يخاف الحرب ولا يرضى الذل أو الهوان.


زمان الوصل
(90)    هل أعجبتك المقالة (88)

eihab

2010-12-31

أن تتكلم عن مصر بهذه الطريقة التي ابتديت فيها موضوعك ...يعجبني الكم الهائل من القومية التي تتصف بها من خلال خوفك على بلد شقيق...ولكن أرجوك عندما تتكلم في السياسة لا تدع العرواطف تسوقك لا لشئ وإنما لأنك إعلامي يجب أن لا تتفوه سوى بما يقبله الواقع...لا أن يكون كلامك مجرد جذب عاطفي ...أسألك سؤال صغير جدا يشرح نظرتي ...إن قطعت مصر علاقتها التي تسميها بالعار(وإن كنت أستفسر عن إيجاد تسمية للمبادرة العربية)فماذا سيحصل لبلد أختار السلام بديلا عن الحرب...ولماذ الكعكة في أيد اليتيم عجبة...ولماذ يحق للبعض ما يحرم على مصر...أحترم رأيك ولكن لرأيي الحق في أن يستمع له ويحترم أيضا...أشكرك .


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي