منتخب الخبز والماء ... همام كدر

في غمرة احتفالات المواطن بالعام الجديد واستعادة مكانته في الزحف وراء الباصات والميكروهات للحصول على ربع مقعد يصل به إلى مبتغاه ولو على سيفه، وفي خضم مواجهته للمعارك اليومية مع الرغيف العجيب، ينمو في داخلنا الهم الوطني برؤية منتخب ينقلنا من قمة السخط الكروي إلى قمة الفرح بمقارعة كبار القارة الآسيوية السعودية واليابان والأردن، وذلك في كأس آسيا التي ستقدم مطلع العالم القادم في العاصمة القطرية الدوحة.

في معظم التحليلات يجب أن نتحاشى تسمية الأمور بمسمياتها الصحيحة، بأننا نظريا بعيدون عن الفوز على السعودية واليابان وأن أملنا أكبر بتحقيق الفوز على الأردن القريبة من مستوانا الكروي.

 نعم لا يجب أن لا نقول هذا ونعمل فقط على "الشحن" ورفع المعنويات، وبالفعل كل مواطن مُحلل في هذه البلاد بات يحفظ عن ظهر "قرف" أسطوانات المسؤولين الرياضيين  الجاهزة بتبرير الظروف التي نمر بها وعدم وضع استراتيجية واضحة للعمل منذ تأسيس اتحادات جميع الألعاب منها وأهمها كرة القدم التي تَشُل رأسنا وأقدامنا أثناء لعب المنتخب الوطني.

كان آخر هؤلاء "المسائيل" كما يحب المواطن وصفهم عندما لم ينفك عن مدح نَفْسَهِ طوال ساعة ونصف على طاولة اللت والعجن.

و كل متابع كروي يعرف جيداً أن التوقيت الآن ليس لتحليل الفوارق التي تفصلنا ضوئياً عن مستوى وطريقة التعامل مع كرة القدم في الاتحاد الياباني منها عن الاتحاد السوري، وأننا جميعا يجب أن نرفع علمنا الغالي معبرين عن وقوفنا مع المنتخب.

المعنويات أمر ضروري جدا لكن ليس "بالشحن" وحده تأخذ الفرق البطولات، ونستطيع أن نَشحذ همم أبناء سورية أمام اليابان مثلاً على طريقة "باب الحارة"، لكن يجب أن نكون واقعيين ونتعامل مع قوة خصومنا بحنكة ودهاء.

ولا أخفيكم أنني من أشد المتحمسين لاتساع رقعة مؤازرة المنتخب شعبياً حتى لدى غير المتابعين لأخبار المستديرة، فصناعة أغنية للفنانة أمل عرفة تدعم فيها منتخبنا وطرح مبادرات رفع العلم أشياء بالغة الأهمية في لفت أنظار الناس إلى أهمية أن نقف خلف سفراءنا بكرة القدم. وليس أدل على ذلك سوى ملعب العباسيين الذي شهد واحدة من أكبر لوحات الوفاء يوم الأربعاء الماضي بوقوف السوريين مع فريقهم.

وفي النصف الممتلئ من الكأس الآسيوية... لا بد من القول أننا لدينا العديد من نقاط القوة فمعظم لاعبينا خاضوا مباريات على مستوى عالً داخل وخارج البلاد مما راكم الخبرة بداخلهم، وأنا متأكد أن مصطلح "الخوف" غير موجود في حساباتهم بل على العكس كلما أزاح الإعلام عنهم ترشيحات الفوز أزاح معه الضغط وبالتالي لعبوا بأريحية الفريق الآتٍ من الخلف، وهنا تطل الآراء التي تبرر قبل المشاركة ( عن حسن نية) أنه ليس لدينا ما نخسره وربما يقصدون أننا لسنا حاملي اللقب وندخل بلا ضغوطات، لكن بالتأكيد لدينا الكثير مما نخسره أهم ذلك إيمان الجمهور بقدرتنا على التواجد ليس لمجرد التواجد.

قد نفوز بهدف خاطف على اليابان وقد نصمد طويلا قبل أن  نخسر وقد نحقق التعادل ويكون انجازا... كل السيناريوهات محتملة في لعبة تتسم بالجنون، لكن ما أود رؤيته أن يكون لدينا لاعبين مغامرين بحذر لديهم ثقافة الفوز وقادرين على المبادرة بالهجوم مهما حمل خصمهم من اسم، ببساطة لأنني أؤمن بهؤلاء اللاعبين، مثلي مثل جميع المنتظرين لنتائج ومستوى نرفع رأسنا به. والله الموفق.

بعيدا... كزهر اللوز

اذهبوا بعيدا في هذه البطولة واعلموا أنكم منتخب بـ22 مليون قلب و44 مليون رئة تريد تنفس انتصاراتكم، اتركوا الأحلام لنا وأعملوا بجد وصمت لتكونوا رقما صعبا سيدوّن في كآس آسيا الدوحة، أذهبوا بعيدا في تفانيكم بالعمل فكرة القدم مهنة لكن ليس الأفضل بها هو سيد السوق دوما لذلك أنتم الآن أسياد قلوبنا، بانتظار أن تبذلوا كل طاقاتكم وتسيطروا على انفعالاتكم وتسخروها للفوز وليس سواه، فلدينا الكثير من الفرح المؤجل بكرة القدم.