صحفيو المقاولات ...والتشات الفني ... سامر رضوان


 ندرك جميعاً أن الصحافة اليومية وحتى الأسبوعية لايمكنها أن تخرج عن سياق الاستهلاك اليومي  الملازم لحالة صدورها ...لذلك لم نطالب يوماً بأجوبة عن الأسئلة المقموعة أو التحليل للجوانب المرجأة أوالمعماة بين سطورها...إيماناً منا بوظيفتها الاستهلاكية وعدم إمكانيتها البحث عن فعل التمايز والمغايرة في زواياها ...إلا أن ذلك لايعفينا من مساءلة موضوعية لاستشراء حالة الصحفيين المقاولين ...الذين نشؤوا في مناخ أفرز هذه الثقافة وأشاعها دون بحث في خصائصها ،فكلنا يعي أن المناخ الصحفي العام أشاع الكثير من الالتباسات في أذهان أشبال وناشئي العمل الصحفي الميداني.
إذ درجت في الآونة الأخيرة فئة من الشباب والشابات ممن دفعتهم بطالتهم إلى اختيار مهنة تناسب سقفهم المستعار ...فصارت زاوية الحوار الفني مع أحد الفنانين أو إحدى المانيكانات صبغة غالبة على شغلهم الصحفي ..وكأن أسهل الطرق للوصول إلى معدة القارئ ..هو تقديم وجبات أنوية لفنانين لم يجدوا من يسمعهم ...فقبلوا أن يكونوا مادة للبوح مع أحد هؤلاء الناشئين .
والطريف في موضوع هؤلاء المقاولين ...أنهم يتبجحون وبالفم الملآن أنهم صحفيون لهم أسماؤهم التي نحتوها بعد تنقيب كبير عن خصوصية وتفرد ...وعند الكشف السريري على هذا التاريخ نجده ضاجاً بصفحات سودها الفنانون أنفسهم ...وليس لهؤلاء من علاقة بالمادة سوى مقدمتها وأربعة أسئلة تتكرر لدى الجميع ...إذاً من هو الصحفي في هذه الحال ؟
خاصة إذا عرفنا أن الإيميل هو الوسيلة الأسرع لإجراء الحوار، بمعنى أن التفاعل بين قطبي الجدل كما شاع عبر التاريخ غاب الآن ...وصار الفنان هو من يكتب مادة صحفية لشاب ناشئ يضع هذا المقاول اسمه في مؤخرتها ظاناً بأنه قدم جهداً يستحق الثناء على فرادته.
بربكم ماذا يعني مفهوم الحوار الذي يقوم على مجرد ثرثرة هدفها توجيه لوم أو عتب أو قهر بين سطور الدردشة لإحدى الجهات أو أحد الأسماء المضمرة من قبل الفنانين، ولماذا يقبل الفنانون  بهذه الصفقات الغريبة التي هدفها الإصرار على التواجد وإن كان ضرباً من ضروب الابتذال ...فظاهرة أفلام المقاولات لم تقف عند سينما الإسفاف التي نشأت في ظروف ربحية مصرية ..بل تعدت إلى كل شيء ...تعدت إلى فقدان الكثيرين احترامهم لقاماتهم بعد وضعها كألعوبة في يد هؤلاء المقاولين الشباب ..وأمثلتنا كثيرة لكنها ستجرح الكثيرين ...ولنقل لمن يندب تردي الحال الصحفي اليومي : لا تندبوا فأنتم من يساهم بهذا الهزال ...ومن يقبل أن يكون مادة سهلة لأي متبضّع حوارت ..عليه ألا يلوم أحدا إذا اعتبره سلعة يشتريها أي كان ...ولأنهي كلامي بالقول : ضاع الحوار ..يحيا التشات.

 

عن البعث
(101)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي