أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بلا هدف ... هادي عباس حسين

أني على علم بأنه خرج من شقته بلا هدف ولا سبيل له ألا انقياده الأعمى بخطواته الى أية مقهى أدرجها في سلسلة جدوله اليومي,وكان منهاجه أن يكون جالسا هنا في مقهى الشابندر التي اتخذت الركن الأيمن للداخل الى شارع المتنبي من جهة شارع الرشيد,رأى عامل المقهى حسن القصير القامة والنحيف الشكل عارضا سؤاله المعتاد
_شاي وقنينة الماء,,.؟
كان جوابه لم يخلوا بأكمله من عبارات الأدب والاحترام
_أبو فلاح..شاي فقط فقنينة الماء عندي...
وحول هذه القضية ياما تجمعت الحوارات ,فكان كلما تناهى لمسامعه بان هذا الماء سعودي والأخر كويتي وانتهى المطاف لأذنه الى الماء الكردستاني والكركوكلي والذي باختصار انه يصنع في البيوت كما أخبرته فكان دوما يستفسر مني عندما يقتني قنينة من ماء يحتاجها فالأمس القريب كان الجو حارا أما اليوم فقد زحف صوبنا بشتاء بارد لكن الماء مطلوب لإنسان مثله يجوب الطرقات بلا تحديد,أن جسدي متعبا مثله ولم اشعر بالراحة للأيام الثلاث المنصرمة فقد انتابتني أحاسيس ومشاعر زرعت في نفسي الهزيمة والهموم,اليوم سيحضر الجميع واقصد من سنلتقي بهم وفق جدول مدروس ومعد من قبل الرجل الذي يحس بالوحدة والغربة بعد أن أفنى شبابه بالعمل الوظيفي وأحيل على التقاعد,الذين نحن في انتظارهم هم كذلك من المتقاعدين والذين يكبروني بالسن ,فالأول جليسي الأستاذ عبد الستارصار عمره ستة وستون سنة,تربطني به علاقة وثيقة حيث كنا في دائرة واحدة وتقاعدنا منها بفترات مختلفة,اشعر بأنه أكثر من التقي به أكثر من لقائي بأخوتي السبعة,من يومه في وظيفته امتاز بالإخلاص لعمله والاهتمام بمعاملات الناس ,لموقعه المرموق في الدائرة حسبته خريج كلية الحقوق لكن تبين لي فيما بعد انه خريج كلية الشريعة,شعرت بأنه محببا الى روحي لما التمس منه من صدق الحديث والقول,الباقين الذي اجلس معهم اكبر مني بسنوات كثيرة لكني اشعر بقيمة صداقتهم لأنهم يمتلكون خزينا كبيرا من الثقافة والتجارب,لم اشعر يوما ما أن ينظروا لي نظرة استكبار وتعالي أبدا هذا ما جعلهم الأقرب الى نفسي,لقد وجدت فيهم الصفات الحميدة والجيدة وما وجدت احدهم انه أبا أنور الرجل بشخصيته التي امتازت بالقوة والثبات بالرغم انه عانى الويلات والصعوبات ,محبا للحياة زارعا في النفوس الأمل ,صادقا خجولا متكلما وصاحب حديث جميل,لم يختلف عنه أبا مشتاق الرجل الكبير بالسن المتمثلة فيه حياة الحيوية والنشاط والكلام الذي كلما تطرقنا الى حديث وجدناه سباقا للإضافة والتعقيب بكلمات تخلق لنا جوا حسنا وتفاؤليا يزرع في الأرواح البهجة والسرور لذا وجدت نفسي أن أكلفه لمساعدتي في طلب الكثير حول الشخصيات التي أحب البحث عنها أمثال نوري باشا والملك فيصل وغيرهم,ولاانسى أبا حسام الذي كانت الابتسامة لاتفارق وجهه واعتبرناه الصيدلي الذي يفتش ألينا عن الدواء ويعرف منشأه الأصلي,في غيابه المتكرر نصاب بجهل في معرفة أخر المستجدات الدوائية,لأننا الكل مصابين بالإمراض المتنوعة وكان لقائنا المستمر نبحث عن كل شيء متطور,أن جليسنا الأخير كان يكبرننا بالسن لكنه لم تظهر عليه صفات الرجل الطاعن,أكثر علاقة تربطه بالمتقاعد الذي التقيت به منذ الصباح الباكر الأستاذ ستار العزاوي وهذا الجليس الذي اهتميت به يدعى رياض العزاوي لعل تربطه قرابة كما بدا لي في بادئ الأمر ألا اتضح انه من نفس العشيرة,هو الذي عرفنا به,كان محبا للسفر وكثير التجول فقد سنحت له الفرصة أن يزور أكثر يلدان العالم الأجنبية والعربية التي يحمل بين أجوائها أحاديث المتعة والتنزه في الرحال والسفر,كان حديثه مملا لكنه يشعر بالارتياح لو سنحت له الفرصة بالحديث لاينقطع أبدا وكلما نحاول أن نتهرب منه نجده باحثا عن سبب لتجديد الحديث ثانية,رحلاته لاتنتهي فقد زار أكثر البلدان ومع كل صغيرة وكبيرة تجده مؤلفا كتابا كبيرا لرحلاته التي ذكرتني بابن بطوطة,كنت أحب أن القبة بهذا الاسم لكني كنت أخشاه,رغم كل شيء كان طيب القلب ,جميل الملقى تتحرك بين ثنايا روحه الآمال التي لم تغيب عن كلامه,فرايته يخطط لسفرة ستكون الشهر الخامس من العام المقبل ويحاول أن يجمع له مناصرين للذهاب معه,والذي أدهشني في قوله فيما مضى كان يملك ثمنمائه دينار وان هناك توزيع لقطع أراضي فخيروه أما أن يشتري الأرض او السفر فكان قراره السفرلان به يجد المتعة والراحة,أن خصلات الخير متجمعة فيه ,باستثناء واحدة يحب أن يذكر مساوئ اقرب الناس إليه,غائبا او حاضرا كان,أن حبه الشديد للمال اطغي صفة البخل التي اسمع عنها الكثير ,عدم التبذير مطلوبة ولكن حينما تتحول الى النفس تصبح صفة تكثر فيها العيوب, كان بودي أن أراه في مكان غير هذه المقهى التي امتلأت بصور شتى,لأكثر من مرة وجدته دافعا ثمن شايي وشاي كل صديق رآه,الدهشة ملأتني والسؤال دائرا في مخيلتي أين بخله واراه كريما ,الساعة تجاوزت الثانية عشر ولا أحدا يحضر من شلتنا كما يقولون ,لذا جمعت أوراقي وقررنا الخروج بدون هدف لاندري أين ستاحذنا خطواتنا لاغير ألا للمجهول

(103)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي