سحب القضاء الأسترالي كل ما كان مُودعاً في حساب مصرفي لقنصل لبنان العام في سيدني، كما قد يستهدف راتبه الشهري من الخارجية اللبنانية بعد أن رفض تسديد تكاليف دعوى أقامها ضد صحافي هناك وخسرها، معللاً الرفض بحصانته الدبلوماسية، وهو ما لم يقبل به القضاء الأسترالي، ولأول مرة.
وعلمت "العربية.نت" بخبر "تفريغ" القضاء الأسترالي لرصيد حساب توفير عائد للقنصل روبير نعوم في فرع للبنك العربي بسيدني، من رابح الدعوى نفسه، وهو الصحافي اللبناني المقيم مهاجراً منذ 27 سنة هناك، نبيل ضناوي، والذي تحدثت "العربية.نت" اليه، كما إلى محاميه اللبناني الأصل ريتشارد متري.
أما القنصل نعوم فاضطرت "العربية.نت" للاتصال ببيته بعد أن بقي هاتفه النقال مقفلاً. ولم تسمع "العربية.نت" من القنصل نعوم سوى نبرة الغضب عبر القارات منذ بداية اتصالها به الأحد 12-12-2010 حيث رفض منحها أي فرصة للتحدث حول الموضوع، وكل ما قاله أن القضية "في عهدة وزارة الخارجية اللبنانية، وكل شيء يخضع لاتفاقية جنيف"، في إشارة منه ربما لاتفاقية معقودة في 1961 بالعاصمة النمساوية وخاصة بالعلاقات الدبلوماسية بين الدول وبعمل الدبلوماسيين وما يتمتعون به من حصانة.
أما غريمه الصحافي نبيل ضناوي، المهاجر من طرابلس في شمال لبنان والعامل في سيدني رئيساً لتحرير جريدة "العنكبوت" الإلكترونية التي أسسها في 2008، فقال إنه سيلجأ الى المحاكم لإعلان إفلاس القنصل "إن لم يكن لديه أملاك في سيدني يمكن الحجز عليها في حال استمر برفض دفع التكاليف" وفق تعبيره.
وقضية ضناوي مع القنصل نعوم قديمة ووصل صداها الى رئيس الجمهورية اللبناني السابق إميل لحود، وتطرقت إليها "العربية.نت" في أغسطس/آب العام الماضي، حين لجأ القنصل الى محكمة القضايا المستعجلة في سيدني طالباً إصدار أمر يلزم ضناوي بسحب مقال كتبه عنه في جريدة "العنكبوت" الإلكترونية ويصفه فيه بأنه صهيوني.
ونظرت المحكمة في القضية بسرعة ولم تجد القنصل محقاً فرفضت تلبية طلبه. لكنه استأنف، فخسر الاستئناف مرفقاً بتعليل من المحكمة من أن كلمة صهيوني قد يكون لها رنين خاص في الأذن العربية، لكن رنينها يختلف في أذن الأجنبي بشكل عام، فهي ليست شتيمة في أستراليا "ولا هي قدح وذم أيضاً، بل صفة ورأي سياسي"، بحسب ما قال المحامي اللبناني الأصل ريتشارد متري، وهو وكيل الصحافي ضناوي.
وبدأت المشكلة تماماً بين ضناوي والقنصل نعوم عندما اتصل به الصحافي هاتفياً في منتصف 2009 ليعاتبه على موقفه اللامبالي "حين سمع أحدهم في مهرجان أقيم لذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في سيدني، يهاجم رئيس البلاد (آنذاك) اميل لحود، فلم ينفعل القنصل الذي كان بين الحضور، لذلك هاجمته بمقال على الانترنت ووصفته بمتصهين، وهي كلمة لم تعجبه طبعاً، فقاضاني وكسبت الدعوى ومن بعدها الاستئناف، وتكبد القنصل التكاليف"، على حد تعبير ضناوي البالغ عمره 47 سنة.
وكانت "العربية.نت" اتصلت العام الماضي بالقنصل لتقف عما يقول، فلم يتسن لها التحدث إليه، بل تحدثت وقتها الى زوجته، السيدة غادة جرجس، وهي محامية من بلدة دير ميماس بالجنوب اللبناني، فعبرت عن استيائها مما حدث، وقالت من هاتف البيت إن زوجها يخدم منذ 6 سنوات أكثر من 200 ألف لبناني يقيمون في سيدني وحدها، وجميع أبناء الجالية يعرفونه "لذلك ما كان يجب أن يهاجمه ضناوي في المقال وينعته بصفة هي من الأسوأ بالنسبة لنا نحن العرب"، على حد تعبيرها.
ثم انطوت القضية في المحاكم الى أن طلب ضناوي أن يسدد القنصل تكاليف الدعوى، فرفض نعوم الدفع متسلحاً بحصانته الدبلوماسية، ومن يومها علق بخيوط ضناوي وجريدته العنكبوتية، ووجد نفسه أمام صحافي يسعى وراءه عبر المحاكم بموجب القانون ليطالبه بدفع ما يزيد على 25 ألف دولار كتكاليف للدعوى الأساسية والاستئنافات، علماً أنه لا يحق لضناوي الذي انتقل من عمله السابق كموظف بمصلحة السكك الحديد في سيدني ليتحول الى صحافي إلكتروني، المطالبة بأي تعويضات.
رئيس الجمهورية اللبنانية يتصل بالصحافي ضناوي
وحين تحدثت "العربية.نت" مجدداً الى المحامي ريتشارد متري، قال إن اتفاقية جنيف الخاصة بعمل الدبلوماسيين والعلاقات الدبلوماسية بين الدول لا تنطبق على القنصل نعوم، وروى أن لديه قراراً قضائياً من المحكمة بمصادرة قسم من راتب القنصل اللبناني حين يتسلمه كل شهر من وزارة الخارجية اللبنانية، وأن القضاء الأسترالي "أبلغ جميع البنوك في أستراليا بمصادرة أي رصيد عائد للقنصل نعوم"، حسب قوله.
وأكد أن ما تم العثور عليه هو حساب توفير بفرع للبنك العربي في سيدني، وفيه 1348 دولاراً أسترالياً، لذلك أصدر فيها البنك شيكاً باسم موكله نبيل ضناوي، وزود المحامي "العربية.نت" بصورة عن الشيك، وصور عما صدر عن المحكمة في سيدني، ومنها قرار بقانونية مصادرة قسم من الراتب الشهري للقنصل، قد يصل بين 20 و30% تقريباً من الراتب، لتعود الى الصحافي ضناوي كتقسيط شهري مما له على القنصل من تكاليف الدعوى.
وذكر متري أن التكاليف التي كانت 25 ألف دولار في العام الماضي أصبحت بعد سلسلة استئنافات قام بها القنصل 50 ألفاً، ثم أصبحت 70 ألفاً الآن "ونريدها كلها بموجب القانون، وإن لم يتمكن من دفعها فسنعلن إفلاسه، وسنبحث عما له من أملاك في أستراليا أو خارجها لمصادرتها، وإن لم نعثر على شيء فسنكتفي باقتطاع قسم من راتبه الشهري كما أمرت المحكمة، وفي هذا كله إساءة له وللبنان"، كما قال.
وكان الرئيس اللبناني السابق، إميل لحود، قرأ ما كتبته "العربية.نت" العام الماضي عن قضية الصحافي مع القنصل، وكيف عاتب ضناوي القنصل نعوم لعدم احتجاجه على أحدهم هاجم رئيس لبنان في ذكرى أقيمت بسيدني لمناسبة اغتيال رفيق الحريري، فاتصل هاتفياً بضناوي وشكره على موقفه، ما شحن الصحافي بعزيمة أكبر للمطالبة بالتكاليف من القنصل.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية