أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الرصاصة المجهولة ... هادي عباس حسين

كما يقولون على الإنسان ان يصنع تاريخه بيديه وان يكتب الحوادث التي تمر عليه,فاليوم الذكرى الوحيدة لوفاة ابنتي وسن البعض اعتبرها شهيدة والاخرادرج موتتها بالاعتيادية,وهذا لايهمني فالنهاية أنها رحلت دون أن تودعني أو تترك لي عنوانا اوتقول شيئا ما ,ابنة الربيع السابع عشر,سافرت عني وتركت ورائها ألاف الاسئلة التي ارهقتني واغرقتني في المتاهات شتى,فلا اعرف مالديها وما عليها من حقوق ولو أني متيقن أنها كانت تصوم وتصلي بالأوقات وتؤدي ماهو محبب ولم تفعل أي عمل به ذرة سوء,أنها حية تتحرك بين إرجاء البيت واراها في كل غرفة من غرفه المتعددة,في بادئ الأمر كرهت المكوث في الدار لأنه يذكرني بأطيافها التي ملئت أرجاء المكان وجعلتني اتالم وفي اعماقي حسرة وعذاب لأنها تدور معي في كافة الأرجاء,مرت فصول السنوات المنصرمة وإنا باق في وحدتي ووحشتي سابحا في تأملاتي التي ارتكزت على ذكريات خلدت في راسي ,وسن أيامك الخيرة تحسست بنضوجك العقلي والذهني وبديت في نظري أشبهك بتلك الشجرة التي أثمرت واستقرت في الجانب الأيسر من الحديقة,كان شكلك بهيا,وروحك بريئة خاليه من الصفات المؤذية مثل زرقة سماء اليوم الذي استيقظت على ساعات فجره بعدما امتلأت رئتي بدخان سكائري المتعددة الواحدة تلو الأخرى,اليوم وبالتحديد هل تأتين لرؤيتي حتى تشاهدي دمعاتي فوق خدودي وتسمعين نوبات سعالي الذي يهتز لها جسدي من جراء أدخنة السكائر التي تضيق نفسي من جرائها وأتمعن للدوائر التي تخلفها مرتفعة إلى الأعلى,ووجهك وابتساماتك الحلوة أريد أن أسالك في سر وعلانية من أين أتيت..؟وكيف حالك فيما مضى ..؟اتتالمين مثلي فمعدتك آما زالت تؤلمك..؟أنها خيالات نتجت من جراء سهري ليلة البارحة فكلما عزمت على النوم وجدت نفسي تجرني إلى مكان أخر,لعلي عصبي المزاج اللحظة بل منذ الصباح الباكر حيث تكررت محاولتي أن اضطجع فوق سريري يأخذني الحاضر بين أحضان الماضي فاتوه في ضياع كبير,دموعي مازالت تنهمر ولن تدهشني لأني أيقنت أخيرا وبعد انقضاء كل هذه السنوات بأنك لن تعودي ثانية ,لم يكن بعد بمقدوري أن احتضنك وأضمك إلى روحي وأقبلك من جبهتك وادع ابتسامتك تتخلل ضحكتي وأنا قائلا لك
_اهتمي بابي ..
تهزين راسك مجيبة
_أنت توصيني على جدي...؟
كنت تعشقين أي طير يقف على تلك الشجرة الكبيرة,لهذا تعودت الوقوف أمامها كل يوم من الأيام التي عشتها بعدك وللان وان لم أراها ذلك التاريخ لن احسبه من عمري,كنت أتصور إنني يوما سابقي وحيدا فريدا لكن لم أتوقع انك تموتين وترحلين عني للأبد بهدوء وسكينة وبعجل,أنها أحلام يقظة تدور في مخيلتي,علي أن أغلق الأبواب ضد كل التصورات التي تعشش داخل راسي المثقل بالهموم والمعاناة,نسائم هواء ليلة أمس أوعزت باني سأصاب بمرض ما ويرقدني بالفراش ألا أن دعوتي من ربي ان لايفترسني فمن بعدك لااجد من يهتم بي ويشدد من عزيمتي فكل الموجودين لن يسدوا فراغك الذي أنا غارق فيه, وسن يامن أنت غبت عني ألا انك موجودة في يقظتي وأحلامي التي تلاحقني في أي مكان,لاتتعجبي فأنها حقيقة لايمكن الهروب منها,وأنت اعترفتي بها ,أني أعاتبك لماذا ركضت إلى سطح الدار بعدما ناولتي أبي الماء,أنها نهايتك المحتمة والمرسومة لك من الله سبحانه وتعالى يوم ولادتك ,صرختك دوت بالإرجاء قائلة
_تعالوا لي أني اختنق...
لم يسعفك الكل بل فتحوا أزرار قميصك لان أنفاسك بدأت تتزايد ولهاثتك تتسارع,لتعود بي إلى تاريخ رحيلك لافائدة من كل عمل لان رصاصة مجهولة اخترقت صدرك الحنون,لحظات احتضارك عشت أخرها ,قدرك المحتم دفعك أن تتلقين رصاصة موتك المكتوب,أنها المنية التي أنهت حياتك ,كفاكن يادمعاتي بالنزول فلم يعد تجدن نفعا,أنا أسير ذكريات محبوسة صورها داخل جمجمتي ,فبدر الليلة لم يكتمل وشعاعه الباهت قد غسل كل شيء قريبا من النافذة,اليوم أنا ميت,وغدا ميت,لااشعر بأي شي حولي فقد أصبح جسدي مثل نخلة داري محنية أذاها الزمن وسؤال واحد يدور في مخيلتي
_لماذا سبقتني إلى الدار الآخرة...,؟عودي وخذي عمري,,..؟
علي الآن آن استغفر ربي لأني بكلامي قد اعترض على حكمته العظيمة.,كيف سيمضي بي العمر المتبقي,أريد أن اعش الدقائق العشرة من ألان أنها الوقت الحقيقي لسفرك البعيد,لعلي أحس بالارتياح والطمأنينة واترك كل شيء خلفي ,وأنا أقف عند قبرك ولايوجد عندي سوى سكارتي التي توهج ضوئها وتطاير دخانها ماسحا عيني من الدموع وأقول بصوت شجي
_متى تأتين وتأخذيني إليك..؟

(94)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي