932 ـ 968 
هو الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني وُ لَدَ في الموصل ( العراق) سنة 932 م ( 320 هجري ) من أب عربي وأمّ رومية منتسباً إلى أسرة أمراء كانوا في أوجّ العز والمجد . اشتهر جدّه حمدان بالبأس في القتال والكَرَم وحُسْن السياسة وغَرَسَ هذه الصفات في أولاده فشبّوا على حبّ المجد . 
قُتِلَ أبوه وهو طفل لم يتجاوز الثالثة من عمره فنشأَ تحت رعاية ابن عمّه سيف الدولة وحظيَ بثقافة حسنة ودرّبه على أساليب الفروسية , ثم ولاّه على منبج وحرّان وكان ينـافس الأدباء , وله مع المتنبي ( 915 – 965 ) م مواقف عدّة . وأمضى معظم حياته في الحروب ويصدّ عن الأمير سيف الدولة هجمات الروم حتى أسروه مرتين , الأولى سنة 959 فـــي مغارة الكحل وأخذوه إلى خرشنة ( بلدة على نهر الفرات ) ثم نجا من الأسر وعاد إلى الحرب فقَبض عليه الروم سنة 962 وأخذوه إلى القسطنطينية وعاملوه معاملة حسنة تليق بمقامه حتى كانت سنة 966 بذل سيف الدولة فدْيته فعاد إلى وطنه . 
لم تمض سنة على خروجه من الأسر حتى توفي سيف الدولة 967 وخلـــفه ابنه أبو المعالي سعد الدولة وهو ابن أخته . ورأى أبو فراس أن يستولي ولو على جزْء من مملكة ابن عمّه , فدخلَ حمص وأقام فيها , فعَلِمَ أبي المعالي بأمره فأرسل إليه جيشاً بقيادة قَرْغَويه فسقط شاعرنا في ميدان القتال قُرْب بلدة صدد بأطراف البادية في 4/نيسان/0968 م وهـــو في السادسة والثلاثين من عمره . 
وتخليداً لذكراه نقل رفاته إلى مدينة حمص حيث أقيم نصب تذكاري قرب قلعة حمص وأقيم احتفال رسمي بتاريخ 9/ نيسان / 1997 حضره السيد العماد مصطفى طلاس وزير الدفــــاع . 
فنونه في الشِعر : 
له منظومات في الغَزَل والرثاء والفخر والوصْف والإخوانيّات و الروميّــات. وقد جمَع ديوان شِغره أستاذه ابن خالويه . 
ونورد أدناه مقتطفات من قصائده : 
1 ـ في الغَــــــزَل : 
تُسائلني: (مَن أَنتَ؟) ،وَهْيَ عَليمةٌ وهل بِفَتَى مِثلي ، على حاله ، نُكرُ؟ 
فقلتُ ، كما شاءت وشاءَ لها الهوى (قتيلُكِ!) ، قالتْ : (أيّهم ؟فهُمُ كُثُرُ !) 
2 ـ في الرثاء : لم يُرْثِ أبو فراس إلاّ بعض ذويه كأُخته وأمّه ، وبعض أنسبائه من بيت ابن 
عمه سيف الدولة وبعض أصدقائه المقرّبين ، وهذان بيتان من رثائه لأمّه : 
أيا أُمَّـاه كم بُشـــرى بقربــــي أتتكِ ! ودونها الأجلُ القصيرُ ! 
إلى مَن أشتكي ؟ ولِمَن أُناجي ؟ إذا ضاقت بمـا فيها الصدورُ ! 
3 ـ في الفَخـــر : وهنــا يفتخر بنفْسه : 
إذا ما العِــزُّ أصبحَ في مكانٍ سَمَوْتُ لهُ ، وإن بَعُدَ المزارُ ... 
أبَتْ لي همَّتي وغِرارُ سَيفي وعَزمي ، والمطيَّة ، والقِِفارُ 
ونفْسٌ لا تُجاورها الــــدَّنايا وعِرْضٌ لا يَرِفُّ عليهِ عارُ ... 
4 ـ في الوَصـــف : شابَ أبو فراس وهو دون العشرين من عمره ، ومما قال في ذلك : 
عَذِيْرِيَ من طــــوالعَ في عِذَاري ومن رَدِّ الشبــــاب المستعارِ 1 
وثوْبٍ ، كنتُ ألبســــه ، أنـــــيقٌ أجرّرُ ذيله بين الجــــواري . 2 
وما زادت عن العشــــرين سنّي فما عذرُ المشيب إلى عذاري 
وما استمتعتُ من داعي التصابي ، إلى أن جاءني داعي الوِقــــارِ ! 
أيا شيبي ، ظلمــتَ ؛ ويا شبابي ، لقد جاورتُ ، منك ، بشرّ جــارِ 
5 ـ الإخوانيّات : هي القصائد التي كان يكتبها و يرسلها إلى أصحابه وأنسبائه وخلاّنه 
وكتب إلى أخيه أبي الهيجاء من القسطنطينية : 
وقد كنت أشكو البعدَ منك ، وبيننا بلادٌ إذا ما شئتُ ، قرَّبها الوجدُ ؛ 
فكيف ، وفيما بيننا ملك قيصــــرِ ولا أملٌ يحيي النفوسَ ولا وعدُ ! 
6 ـ الـــرّوميّات : وهي أشهر ما كتب من قصائد ، وكان من دواعي نظمها : أَلَمْ الأسْر 
وتباطؤ سيف الدولة في فدائه وأَلَمْ أُمّه ورقّة قلبه . وهذة الأبيات من 
قصيدته( نوح الحمامة ) : 
أقولُ وقد ناحت بقربي حمـــــامةٌ : أيا جارتا ! هل تشعرين بحالي ؟ 
معاذ الهوى ! ماذقتِ طارقة النوى ولا خطرَتْ منكِ الهمومُ ببالي ! 3 
أيا جارتا ما أنصف الدهــــر بيننا تعالي أُقاسمْكِ الهمومَ ، تعــــالي ! 
لقد كنتُ أولى منكِ ، بالدمـعِ مقلةً ولكن دمعي في الحوادث غالـي ! 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
وقـــال وهو في الأســر : قصيدة أراكَ عصيّ الدمع منها : 
أراكَ عصيَّ الدمعِ شيمتكَ الصبرُ أما للهوى نهيٌ غليكَ ولا أمْـرُ ؟ 
نعم ! أنا مشتاقُ وعندي لوعــةٌ ، ولكِنَّ مثلي لايُذاعُ له سِـــــــرُّ ! 
إذا الليل ، أضواني ، بسطتُ يد الهوى ؛ وأذللتُ دمعاً من خلائقه الكبـــــــرُ ! 
تكاد تضيىء النـــــــار ُ بين جوانحي إذا هي أذكتها الصبابةُ والفكــــــرُ ! 
وكان آخر شِعره قوله لمّا أدركته الوفاة يخاطب ابنتــــه : 
أبنيّتـــي ، لاتجـــــزعي! كل الأنـــامٍ الى ذَهـــابْ ! 
أبنيّتـــــي صبـــراً جميـ ـلاً للجليــل من المصــابْ 
نـوحي علــــيَّ بحسْـــرةٍ ، من خلْـف ستْــرك والحجابْ 
قولــــــي إذا كلَّمتنــــي وعُييــــتُ من ردّ الجـوابْ : 
زيـنُ الشبــابِ أبـو فـــرا س لـم يمتَّـــع بالشبـــابْ 
ــــــــــــ 
المفردات : 1 ـ العذير : العاذر . طوالع : يريد بها الشعرات البيض التي طلعت 
العِذار : جانب اللّحية مما يلي الأذنين . 
2 ـ وثوبٍ : معطوف على الشباب : أي ومن ردّ هذا الثوب الأنيق . 
3 ـ النوى : البُعد ، والمعنى : ينفي الحزن عن الحمامة لأنها لم تتعذّب 
من ألم البعاد ولم تعرف الهمّ . 
9/3/2006 
المصادر : 1ـ أبوفراس الحمداني : فؤاد إفرام البستاني 1928 
2ـ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري 
3ـ المنجد في اللغة والأعلام : 1973 
					
				
						
								
								
								
								
								
								
								
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية