جرائم الشرف
بين وهم التخفيف القانوني و مرجعية الإباحة في الشريعة الإسلامية !!
اشتد الجدل وكثرت الأقاويل حول الحوادث التي أطلقوا عليها خطأً : ( جرائم الشرف ) - و أقول خطأً لأن هذه الحوادث لا تمت للشرف بصلة , و لأن هذا الاصطلاح غريب عن الفقه الإسلاميّ , ولا وجود له البتة في أي مرجع قانوني ,لذا فمن المستحسن تسمية هذه الجرائم
( جرائم القتل بذريعة الشرف ).
و إن هذه الحوادث الفردية التي تحدث هنا و هناك , والتي يحلو لبعض الكتاب تسميتها بالظاهرة , كما أن بعضهم يدعي أن سوريا تحتل المرتبة الأولى عالميا و بلا منازع في ارتفاع جرائم الشرف , رغم أن هذا الادعاء لا يؤيده برهان و لا يستند إلى دليل .
ترى ما هي العوامل التي تدفع الشاب للإقدام على قتل شقيقته التي عاش معها تقاسم و إياها أجمل الذكريات , ما الذي يدفعه لقتلها و العيش بعد ذلك مع الندم الممتزج بالألم و الحزن الأبدي الذي يورث العقد النفسية التي ترافق هذا القاتل حتى القبر ؟؟؟
لئن كان البعض يعزو هذه الجرائم إلى الموروث الاجتماعي من ركام العادات و التقاليد لأن أول وهم يسيطر على عقل المجرم فيدفعه لاقتراف جريمته هو أنه سيصبح حامي العشيرة أو فارس القبيلة .. أو العائلة ..لأن القتل سيمنحه صك الشجاعة و المجد وسيعيد له وسام العفاف الذي سلبته الفتاة بفعلتها .
إلاّ أنّ آخرين ينسبونها ظلما و افتراء للشريعة الإسلامية وهي منها براء ,
وأغلب هؤلاء هم من المحرضين و المشجعين على اقتراف هذه الجرائم فهم يحاولون أن يلبسوا هذه الجرائم عباءة الدين : في محاولة منهم ليسكتوا تأنيب ضميرهم بمحاولة إقناع أنفسهم : أنهم يطبقون تعاليم الدين لأنهم حماته و المكلفين بالدفاع عنه .
هنا لا بد لنا من التساؤل :هل الضحية في جميع هذه الجرائم هي آثمة ارتكبت فعلتها عن إرادة حرة واعية وأهلية مكتملة لا يشوبها أي من عيوب الإرادة (( من إكراه و غش و تدليس و نقص أهلية ..)) يؤكد كثير من العلماء أن جريمة الشرف بعيدة عن فقه الإسلام و أن مستندها التقاليد البالية و الخوف من مسألة العار .
- لما كانت الرسالات السماوية , و الفكر الفلسفي و البشري منذ بدء الكون : قد جعلت الإنسان هدفا لرسالتها , ونظرت إليه سيدا للوجود , فمحال أن تبيح هذه الشرائع القتل لكل من يدفعه هواه.و من خلال الاطلاع على العديد من آراء الفقهاء , و رغم وجود التباين و بعض الاختلافات في آراء بعض العلماء ممن تيسر لي أن أطلع على آرائهم .فقد وجدت منهم إجماعا على الثوابت التالية :
1 - الجريمة التي يطلقون عليها ( جريمة الشرف تجاوزا ) لا تبيح القتل لأن الحد فيها هو الجلد .
2 - لا يثبت الحد إلا بالبينة , و إن هدر دم المسلم بغير حجة محرم .
3 - يشكل هذا الفعل : اعتداءا صريحا على ولي الأمر (( المكلف شرعا بإقامة الحدود ).و حين التقت صحيفة تشرين فضيلة الدكتور أحمد بدر الدين حسّون، مفتي الجمهورية، لبيان الرأي تجاه الموضوع المطروح، قال: كلّ (جريمة شرف قام بها أب أو أخ أو أي شخص من العائلة هي جريمة، وليس هناك أحد مكلّف بإقامة الحد إلاّ الدولة والقانون، والقاتل منفذ لأهوائه لا لقيم الله..))
أخيرا : إننا إذ نستنكر الجرائم المقترفة بذريعة الدفاع عن العرض ( و المسماة تجاوزا : جرائم الشرف ) فإننا نخصّ الحالات التالية بالرفض و الإدانة المطلقة :
1 - حين تكون ضحايا هذه الجرائم من الفتيات البريئات .
2 - حين نضفي على هذه الجرائم صفة الدين , و حين تقترف باسم الدين والدين منها براء .
3 - حين ترتكب الجريمة على الشبهة و التسامع و الإشاعات ..
4 - حين ترتكب الجريمة باسم الشرف و الدوافع شتى !!!؟؟؟ ....
5 - حين يتساهل و يتسامح القضاء : فيمنح الأسباب المخففة بحجة الدافع الشريف : رغم عدم وجود هذا الدافع وعدم انطباقه على الجريمة المرتكبة .
وفي خطوة تمثل الوسطية و العقلانية و التدرج في تغيير الواقع القانوني صدر في سورية المرسوم التشريعي 37/ لعام/2009/ الذي ألغى الأعذار المحلة في القتل للدافع الشريف و كرّس سياسة الاعتدال فلا هو ألغى الأعذار , ولا هو سمح بوجود العذر المحلّ من أي عقاب .
- ( و للحديث بقية ) -
(( المحامي : أحمد صوان ادلب معرة مصرين /22/11/2010/ ))
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية