أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ترفع شعارات الديمقراطية.. وتمارس القمع: "قسد" تُجرِّم الكلمة وتحوّل الرأي إلى تهمة إرهاب

أرشيف

بعد سقوط نظام الأسد الديكتاتوري، انفتحت الحكومة السورية الجديدة على حرية الرأي والصحافة، بما في ذلك استضافتها لمعارضيها في الإعلام الرسمي، وإرسال قوات الأمن لحماية الاحتجاجات المناهضة لها. إلا أن الواقع في منطقة الجزيرة السورية، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يتناقض تماماً مع شعارات "الديمقراطية" التي ترفعها.

وتشير تقارير حقوقية إلى تصاعد الانتهاكات بحق الصحفيين والنشطاء الذين يعبرون عن آرائهم المخالفة، إضافة إلى مدنيين ينتقدون "قسد" على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تتحول هذه الانتقادات إلى تهمٍ تُعرّض أصحابها للاعتقال والملاحقة القضائية.

مدنيون يُحالون إلى "محاكم الإرهاب" بسبب منشورات "فيسبوك"
تفيد تقارير حقوقية، من بينها تقارير "مرصد بصمة لحقوق الإنسان"، إضافة إلى حملات التضامن التي يطلقها ناشطون وصحفيون، بأن حالات الاعتقال طالت العشرات بسبب منشورات أو تعليقات على منصة "فيسبوك" تنتقد سياسات "قسد"، حيث يُحال هؤلاء المعتقلون إلى ما يُسمى "محاكم الإرهاب". ومن بين هذه الحالات:
- محمد مكري الهادي: من مدينة الرقة، اعتُقل بسبب منشورات انتقد فيها سياسات "قسد"، وصدر بحقه حكم بالسجن ثلاث سنوات عن محكمة الإرهاب.
- مريم حسين الخلف (75 عاماً): اعتُقلت في قرية الحمة بسبب تعليق نشره ابنها المقيم في لبنان على "فيسبوك" انتقد فيه "قسد".
- جاسم محمد هيجل: من مدينة الحسكة، اعتُقل بعد نشره تعليقاً على "فيسبوك" رداً على إعلامي تابع للإدارة الذاتية.

قمع الصحفيين.. الهروب أو الاعتزال
لا يواجه الصحفيون في مناطق سيطرة "قسد" المضايقات فحسب، بل يتعرضون أيضاً للاعتقال التعسفي، مما دفع العديد منهم إلى مغادرة المنطقة أو اعتزال المهنة. ومن الحالات الأخيرة:
- فراس البرجس: صحفي اعتُقل الشهر الجاري، ولا يزال مكان احتجازه مجهولاً، بتهمة التعامل مع مؤسسات إعلامية تابعة للحكومة السورية.
- حسن الكتاب: مصور صحفي اعتُقل في الرقة دون توجيه تهم واضحة.
- إبراهيم الحجي الحلبي: تعرض والده وشقيقه للاعتقال عدة مرات في الحسكة كوسيلة للضغط عليه.

منع وسائل الإعلام من العمل
تمنع "الإدارة الذاتية" ترخيص أي وسيلة إعلامية لا توالي سياسات "قسد"، مما دفع بعض الوسائل إلى التعاون السري مع مراسلين في الداخل. ويؤدي أي نقد مُوجه للسلطات إلى سحب التراخيص فوراً.

وفي هذا السياق، قالت الصحفية هديل عويس (من منصة جسور نيوز) في بيان لها: "لم نتعرض لأي تحديات أو تضييقات إعلامية تُذكر خلال تغطيتنا في دمشق، مما جعلنا نرى بصيص أمل في العصر الجديد. لكن من المستغرب توقيف مراسلنا في شمال شرق سوريا والتعامل معه بطريقة غير مهنية على خلفية منشور انتقد فيه فرض مناهج تعليمية معينة على مدارس السريان". وأعلنت "جسور نيوز" لاحقاً إيقاف تغطيتها في المنطقة بسبب تعنت مكتب الإعلام التابع للإدارة الذاتية.

شهادات من الميدان لـ "زمان الوصل"
من الرقة:
يقول الصحفي أحمد السخني، مدير "منصة سورية": "خلال عملي فقدتُ عدداً من المراسلين نتيجة الضغوط والممارسات التي تنتهجها (قسد) بحق كل من يحاول نقل رواية تخالف روايتها. أنا ومجموعة من الزملاء لا نستطيع العودة لمناطقنا لأننا مطلوبون لمجرد أداء واجبنا المهني". وأضاف: "الأجواء الحالية تذكرنا بأساليب النظام السابق وتنظيم داعش؛ حيث يُجرّم الرأي ويُفرض الصمت بالقوة".

من الحسكة:
يؤكد الصحفي صهيب اليعربي: "لا توجد مساحة آمنة للتعبير. أي رأي مخالف يُصنف كتهديد، وأي تعليق قد يتحول إلى تهمة (دعشنة). وثقتُ شخصياً عشرات الاعتقالات لمدنيين بسبب تعليقات بسيطة على وسائل التواصل الاجتماعي".

من دير الزور:
يرى الصحفي إبراهيم خليل أن حرية الصحافة تعاني قيوداً مشددة، موضحاً: "تُوجه للمعتقلين تهم جاهزة مثل الإرهاب أو التعامل مع الحكومة السورية دون مسوغ قانوني. حتى محتوى الهاتف الشخصي، مثل وجود صورة أو علم الدولة السورية، قد يكون سبباً كافياً للاحتجاز".

"الرقة تذبح بصمت": واقع يقوم على تكميم الأفواه
في حديثها لـ "زمان الوصل"، أكدت حملة "الرقة تذبح بصمت" أن "قسد" تتبع نهجاً أمنياً يضيق الخناق على العمل الإعلامي المستقل، ووثقت الحملة عشرات الاعتداءات على الصحفيين، وملاحقة المدنيين الذين ينتقدون سياسات الإفقار. 

وأشارت الحملة إلى نشر كاميرات مراقبة في أحياء الرقة لمنع التوثيق، واستدعاء صناع المحتوى لتفتيش هواتفهم دورياً، مؤكدة أن هذه الممارسات لا تختلف في جوهرها عن ممارسات تنظيم "داعش".

عمار الحميدي - زمان الوصل
(857)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي