أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صعود مليشيات الهجري: من التهديد المحلي إلى مخاطر إقليمية متشعبة

تتخطى ظاهرة "مليشيات الهجري" اليومَ الإطارَ المحليَّ الذي ظلت تُصنَّف ضمنه لفترة طويلة. ما نشهده الآن ليس مجرد انتشار أسلحة خارجة عن سيطرة الدولة، وإنما تحوُّلٌ نوعي نحو تشكيل هيكل إجرامي منظم، تحوَّل من ظاهرة أمنية داخلية إلى كيان عابر للحدود، تجارةُ المخدرات عموده الفقري وتمويله.

لقد تجاوزت هذه الجماعات مرحلة التهديد الأمني الداخلي المباشر إلى خلق اقتصاد ظلٍّ إجرامي يعتمد على شبكات تهريب دولية. وهو ما يضع دول الجوار - وعلى رأسها الأردن بحكم حدوده الطويلة والوعرة - في مرمى خطرٍ متزايد لا يتعلق فقط باختراق أمني عرضي، بل باستهداف منهجي يستفيد من حماية مناطق نفوذ هذه المليشيات.

الملاحظ اليومَ أن محاولات التهريب عبر الحدود لم تعد أعمالاً فردية أو عشوائية، بل تتم بأساليب احترافية تعكس تخطيطاً لوجستياً وإدارياً يشي بوجود بنية تحتية إجرامية متكاملة. هذا التحول يجعل من مواجهتها تحدياً مركباً، يتطلب فهماً أعمق لشبكة تمويلها وتوغلها عبر الحدود.

على المستوى السياسي، يشير استمرار نشاط هذه المليشيات وتوسعها إلى فشل استراتيجيات الاحتواء المحلية، ويحولها تدريجياً إلى أداة قد تستخدمها أطراف إقليمية لزعزعة الاستقرار. أما على الصعيد الإعلامي، فالتغطية المجتزأة أو التقليل من شأن خطرها يُمهّد الطريق أمام نموها وتمددها.

في الخلاصة، فإن التعامل مع مليشيات الهجري لم يعد قضية محلية تخص دولة بعينها. الخطر تحول إلى إقليمي، والحل - بالتالي - لا بد أن يكون إقليمياً أيضاً: من خلال تعاون أمني واستخباراتي فعّال، وتنسيق سياسي يضع تجفيف منابع التمويل - خصوصاً تجارة المخدرات - على رأس أولوياته، قبل أن يتحول هذا الكيان الإجرامي إلى واقع دائم يهدد أمن المنطقة برمتها.

كنان ابن الجبل - زمان الوصل
(347)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي