أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وثيقة المصير.. هل تحول وزارة العدل حق الأهل إلى جريمة إلكترونية؟

في صميم أي دولة تدعي احترام حقوق الإنسان، يقف حق العائلة في معرفة مصير ذويها كحق مطلق وغير قابل للمساومة. لكن يبدو أن هذا الحق الأساسي في بلادنا قد تحول فجأة إلى فخ رقمي يُهدد أصحابه بالسجن والغرامة!

التساؤل الذي يجب أن يهز أركان المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها وزارة العدل، هو: على أي مادة قانونية، تحديدًا، اعتمدتم لـ"ركن" نشر وثيقة تخص مصير معتقل أو مفقود كـ"جريمة إلكترونية"؟

عندما تنشر وسيلة إعلامية عريقة، أو عائلة مفجوعة وثيقة رسمية – قد تكون ورقة إعدام، أو حكمًا قاسيًا، أو إثبات وجود – فإنها لا تقوم بعمل إجرامي، بل تمارس آخر ما تبقى لها من حق في الاحتجاج والكشف عن الحقيقة. ومع ذلك، يبدو أن الآلة القانونية أصبحت أكثر اهتمامًا بملاحقة وتجريم العائلات التي تنشر هذه الوثائق، بدلاً من محاسبة من يقف وراء إخفاء مصير هؤلاء الأشخاص.

هل ستُحاسب الأم التي تنشر صورة لوثيقة إعدام ابنها؟ أو يسجن الصحفي الذي ينشر أسماء أصحاب الجثث في براد مشفى المجتهد عام 2014!، هذا السؤال ليس افتراضيًا، بل هو مؤشر خطير على انقلاب الأولويات: فبدلاً من فتح أبواب الشفافية، يتم إغلاقها بـ"احذري قانوني".

أبواب موصدة وتمويل صامت
من المثير للغضب أن نرى الأبواب موصدة بشكل كامل أمام الأهالي الباحثين عن بصيص أمل أو معلومة رسمية حول مصير أبنائهم. أين هي واجبات الدولة تجاه هؤلاء المواطنين؟

وفي خضم هذا الصمت الرسمي المخجل، يبرز سؤال آخر لاذع: ما هو دور الجمعيات المدنية التي تتلقى ملايين من التمويل الأوروبي تحديدًا لمساعدة هذه العائلات؟ لماذا تستمر هذه الجمعيات في الصمت، أو الاكتفاء بـ"التوثيق الصامت" دون نشر هذه البيانات والوثائق بشكل علني وفعال، طالما أن التمويل الغزير يهدف إلى الكشف والمساءلة؟

إن صمت الوزارات عن التوضيح، وصمت الجمعيات عن النشر، يخلق بيئة من التعتيم المتعمد الذي يخدم مصالح إخفاء الحقيقة ويجعل من المعاناة الإنسانية مجرد رقم في تقرير داخلي.

آن الأوان لوزارة العدل أن تكف عن ترويع أهالي الضحايا وتُجيب بوضوح: هل هدفكم هو الكشف عن المصير أم تجريم الناشرين؟

الحسين الشيشكلي - زمان الوصل
(13)    هل أعجبتك المقالة (14)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي