إن الجهود الصحفية الاستقصائية تشكل رافداً قوياً لأهالي الشعب السوري في معرفة مصير أبنائهم المختفين قسرياً أو مجهولي المصير في سنوات الثورة الطويلة. وذلك دون نسيان أن الحكومة السورية ليس لديها المعلومات الكافية أو الأدوات اللازمة لمعرفة مصير الملايين من أبناء سوريا، ممن هم مع الثورة أو كانوا في صف النظام البائد.
وهنا لا بد من التذكير بأنه بغض النظر عن الموقف السياسي أو الإنساني من الثورة، فالدولة تؤسس على الشفافية والحق لكل الشعب بمعرفة مصير أبنائه. إن كتمان أو إخفاء هذه المعلومات مُجَرَّم للأسباب التالية:
1. فعل مُدان أخلاقياً:
في ظل عدم وجود مركز معلوماتي حكومي يضم هذه المعلومات، تبرز الحاجة والأهمية للصحافة الحرة والاستقصائية. والمقصود هنا بالصحافة الحرة أنها متحررة من أي قيد سياسي خارجي يفرض أن يذكر فقط أن الشخص هو حي أم ميت. هذا التصرف لا يختلف عن تصرفات النظام البائد الذي كان في أحسن الأحوال يسلم ذوي الشهيد الهوية بعد دفع مبالغ طائلة. وهذا التصرف مرفوض أخلاقياً وإنسانياً. فالسؤال المشروع: هل هناك من يحاول فتح بازار لابتزاز ذوي الشهداء لمعرفة التفاصيل، أم أن ذلك سهوة وقع فيها الصحفي الخواجة؟
2. فعل مُجَرَّم قانونياً:
إن الوصول إلى الحقيقة كاملة هو حق قانوني ودستوري نص عليه الإعلان الدستوري في مادته 49 الصادر في آذار 2025. كما أن الحق بالوصول للمعلومات منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية الملزمة لكل دول العالم. بالإضافة إلى ذلك، فإن السوابق القضائية والأعراف الدولية تؤكد على الشفافية والحق بالوصول إلى المعلومات المتعلقة بالضحايا في الثورات. وبالتالي لا يحق لأي جهة صحفية أو حكومية (شخصية أم اعتبارية) احتكار هذه المعلومات بأي حجة.
3. القيمة التاريخية:
إن هذه المعلومات تشكل جزءاً من التاريخ السوري والتاريخ الإنساني، لا تقل قيمتها التاريخية عن قيمة أي معلومة أثرية تكشف وتشكل جزءاً من تاريخنا. وللأجيال القادمة حق علينا وعلى الدولة بأن يُنقَل لهم التاريخ كاملاً، غير منقوص أو مُجتزَأ، تبعاً لرغبات الصحفي الخواجة أو مموله الأجنبي.
أن الجهل بالقانون لا يُعتَدّ به، فكل من لديه معلومات عن مصير الضحايا والمختفين قسرياً عن أي سوري خلال فترة الثورة لديه واجب بتسليم كل المعلومات للحكومة السورية ونشرها، وإلا سيكون عرضة للمحاكمة بتهمة الكتمان والامتناع عن الفعل الذي يسبب ضرراً للغير.
الدكتور عمر اليوسف - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية