أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

موفدو التعليم العالي: برسم وزير العدل

من دمشق - الأناضول

هذه هي المقالة السابعة عن الموفدين على صفحة جريدة زمان الوصل، ولكنني أتوجه بها اليوم إلى السيد وزير العدل ووزارته، بعدما أثبتت وزارة التعليم العالي أنها تتعامل مع هذه القضية من مبدأ الخصومة لا الحقوق.

أيها السيد وزير العدل، لقد أوردنا في المقال الثاني (من مقالاتنا الست السابقة) بعنوان (السيد وزير التعليم العالي: حن الحديد على حالو وأنت ماحنيت) بتاريخ 8 حزيران 2025، تفصيلاً موسعاً أن المرسومين الأسديين الاستثنائيين 2017 و 2018 الذين تعتمد عليهما وزارة التعليم العالي في خصومتها للموفدين لاشرعيين ويخالفان القانون المدني والدستور السوريين في خمس مواضع كالتالي:
1- القانون المدني السوري في البند (1) من مادته 148 أن (العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين).
2- الدستور السوري السابق وكذلك الإعلان الدستوري الحالي في مادته العاشرة (المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، من دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب).
3- المادة رقم 52 من الدستور السوري (لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يكون لها أثر رجعي).
4- المادة 148 من القانون المدني في حال الحوادث الاستثنائية وهو ماحدث في سوريا بعد العام 2011 (إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الواسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي، تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك(.
5- حقوق الكفيل وفق المادة 744 من القانون المدني (تجوز الكفالة في الدين المستقبل، إذا حدد مقدماً المبلغ المكفول. كما تجوز الكفالة في الدين المعلق على شرط).

وبالعودة إلى المقالة المذكورة أعلاه بتاريخ 8 حزيران فقد تم شرح التفصيل وراء كل خرق قانوني من الخروقات الخمس أعلاه، بل زدنا على ذلك.

إن إصرار وزارة التعليم على الاعتماد على مراسيم الأسد الاستثنائية، إنما هدفه التكسب والربح غير المشروع على حساب الحقوق الدستورية والقانونية للموفدين، لذلك نطلب منكم ياوزير العدل و بحكم موقعك كرقيب على تطبيق القانون، أن تعمل جاهداً على إلغاء مرسومي العار الأسديين 2017 و2018، وأن تقوم بتجميدهما والأمر للقضاة بالعودة للقانون المدني والدستور السوريين في التقاضي، لالمراسيم استثنائية صاغها أسد سقط هو وزمانه.

إن الاعتماد على مثل هذه المراسيم اللا دستورية قد ينجح إلى حين، إلا أن وزارة العدل ستواجه سيلاً من الدعاوى لاحقاً، ذلك أن قضاتها اعتمدوا على مايخالف القانون والدستور، فلنوفر الوقت والجهد منذ الآن، ولاسيما أننا نتحدث هنا عن مبالغ تبدأ من 100 ألف دولار وتتجاوز 200 ألف دولار للموفد الواحد، أي أننا نتحدث عن تكسب غير مشروع من قبل وزارة التعليم العالي يتجاوز 300 مليون دولار، إذا افترضنا أن القضية تضم أكثر من 2000 موفد، أي أكثر من 2000 دعوى مستقبلية في أروقة وزارة العدل.

أود ياسيادة وزير العدل أن أضيف إلى الخروقات الخمس الواردة أعلاه للقانون المدني والدستور السوريين، أن ماتدعي به وزارة التعليم العالي من مطالبات إنما هو الربا بعينه، فإذا افترضنا أن وزارة التعليم العالي قد صرفت على الموفد الواحد حوالي 100 ألف دولار (حوالي 5 ملايين ليرة سورية قبل 2011)، فإنها تطالب اليوم بالمثلين (ربا مضاعف) أي 200 ألف دولار (أكثر من ملياري ليرة سورية) أي أنها تطالب بحوالي 400 ضعف مادفعته بالليرة السورية قبل الثورة. إن البنوك التي نهاجمها ونقول عنها ربوية تأخذ ماقيمته 5 بالمئة من قيمة الإقراض، وإذا بوزارة التعليم العالي تطلب 400 ضعفاً، أي أنها فاقت البنوك الربوية أضعافاً وأضعافاً. أليس في ذلك كل الربا وأي ربا؟. والله لو قيل ذلك لشايلوك المرابي اليهودي في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير لأغشي عليه من هول المفاجئة أن وزارة التعليم العالي قد فاقته في الربا مرات ومرات ومرات. إن وزارة التعليم بما تفعله ينطبق عليها قوله تعالى: (وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).

إن وزارة التعليم العالي تعمل جاهدة على جر وزارة العدل وقضاتها للحكم بهذا الربا وهذه الخروقات اللا قانونية واللا دستورية، وذلك بالاستعانة بمراسيم استثنائية أسدية وجدت لأكل الربا وحقوق الناس بالباطل، فلا تكونوا ياسيادة وزير العدل شركاء أنتم وقضاتكم في ذلك، فتنطبق عليكم الآية الكريمة أعلاه.

بقي أن أقول ياسيادة وزير العدل، أن القاضي في مسرحية البندقية لشكسبير كان عادلاً، فلم يسمح لشايلوك المرابي أن يقتطع رطل لحم من جسد أنطونيو كما تحاول وزارة التعليم العالي فعله بالموفد، فكونوا ياسيادة وزير العدل وقضاتكم عادلين في قضائكم وردوا لشايلوك وزارة التعليم العالي مراسيمها اللاقانونية الاستثنائية الأسدية والتي تلغي العقود الموقعة بين الموفد والوزارة من حيث دفع المثل فقط وليس المثلين وبسعر التحويل، ناهيك أنها تعمل بأثر رجعي حرمته جميع القوانين والشرائع، كان هدف الأسد منها سرقة الموفدين، واليوم تبقي وزارة التعليم على سرقات الأسد وتخترق القوانين والمراسيم السورية كما بينا أعلاه، آخذة على عاتقها التكسب غير المشروع.

وأطالب أيضاً بعض الموفدين الذين يَدَّعُونَ التفاوض مع وزارة التعليم العالي على هذه الحقوق، أن يوقفوا لعبة عدم الشفافية والغرف المظلمة التي تحاول وزارة التعليم جر الموفدين إليها لتأجيل حقوقهم المشروعة والدستورية حتى تكتمل السرقة، فما ضر هذا الوطن إلا الغرف المغلقة وعدم الشفافية. 

إن أساس أي تفاوض يقوم على إعلان حسن النوايا الذي يتخذه الطرفان قبل التفاوض، وحتى الآن وبعد ست مقالات معلنة ومنشورة من قبلنا لم تعلن وزارة التعليم عن حسن نواياها من خلال مايلي:
1- أن يقوم وزير التعليم العالي أو من يمثله بالإعلان عن الخطوات التي ستقوم بها وزارة التعليم تجاه الموفدين على العلن وبكلشفافية، بدون غرف مغلقة.
2- أن تقوم وزارة التعليم بتجميد العمل بالمرسومين الأسديين 2017 و2018 لحين البت بهذه القضية، وأن توعز لمحاميها الذين يقاضون الموفدين حالياً، ألا يستخدموا هذين المرسومين حتى البت في أمرهما.


بهذا فقط نستطيع القول أن الوزارة لديها حسن نية تجاهنا، لاأن نفاوض على حقوقنا القانونية والدستورية دون أن تقدم الوزارة شيئاً إلا الوعود للبعض وبشكل شخصي بدون علنية أو شفافية.
في النهاية أسجل من خلال هذه القصيدة رسالتي لوزير العدل أن قضيتنا قانونية ودستورية محقة، ولابد أن تنتهي بإحقاق الحق الذي دائماً ينتصر مهما حاول البعض اغتياله:
هَـذِي حِـكَـايَــةُ مُـوْفَــدٍ   قَـدْ كَـانَ ظَـالِمُــهُ أَسَــدْ
كَـمِـثْـلِ شَــعْـبٍ ثَـائِـــرٍ   عَــــلَى عُــــقُـودٍ لِــلأَبَدْ
مِـنْ مَـرَاسِـيْـمٍ تَـجُــــوْرُ مِنْ سُجُونٍ مِنْ صَفَـدْ
مِـنْ جِـرَاحَاتِ الثَّـكَـالَى  قَـلْـــبُ أُمٍ كَـمْ فَــقَـــدْ
مِـنْ حَـرِيْـقِ الدُّورِ تَبْكِي  سَـاكِـنـِيْـهَـا كَـمْ رَقَـدْ
مِــنْ دُمُـوعٍ لِـلـيَـتَـامَـى  بَـعْـدَمَـا رَاحَ الـسَّـنَـدْ
مِــنْ صَــلَاةٍ لِـلأَرَامِــلِ    تَــسْــأَلُ الــلَّهَ المَـدَدْ
كَمْ مَسِــيْـحٍ كَـانَ فِـيـنَـا     كُـلَّ يَـوْمٍ فِي جَــلَــدْ
مِثْـلُ أُفْـعَى ابْـنُ حَافِـظْ    سُـمُّ نَابِـهِ كَمْ حَـصَــدْ
سَقَطَ الأَسَدْ سَقَطَ الأَبَـدْ   وَاليَوْمَ عُرْسٌ فِي البَلَدْ
صَارَ لِلإِشْرَاقِ صُـبْحٌ     بَـعْـدَ دَهْـرٍ مِـنْ كَـمَـدْ
يَكْشِفُ المِذْهَانُ قَيْصَـرْ   كَـانَ سِـرْاً كَمْ صَـمَـدْ
لِلضَّحَـايَـا اليَـوْمَ اسْــمٌ    لَـيْــسَ رَقْـمَاً فِي جَسَدْ
أَرْقُصُ اليَوْمَ كَـمُـوْفَـدْ    فَـالسُّـقُــــوْطُ لِـيَ رَفَـدْ
كَمْ كَتَـبْـنَـــا فِـي زَمَانِ الوَصْلِ عَنْ حَـقٍ شَرَدْ
يَازَمَانَ الوَصْلِ شُـكْرَاً   فِيْ جَــرِيْـدَتِـكُمْ نَـجَــدْ
فِـيْ جَـرِيْـدَتِكُمْ لِجُـرْحٍ   نَـازِفٍ فِـيْــنَـا ضَـمَـــدْ
رَاحَ الوَزِيْرُ وَجَاءَ آَخَرْ عَـارِفٌ قَـالُـوا رَشَــــدْ
وَالـوَزِيْـرُ لَـهُ جُــــذُوْرٌ  كَيْفَ يُخْصِبُ مَنْ جَمَدْ
والخَبِــيْـرُ بِـــدَاءِ عُـقْمٍ سَوْفَ يَشْـفِي مَاانْعَـقَـدْ
كَمْ دَسَـاتِـــيْـرَاً ذَكَـرْنَا   وَالــقَـوَانِـيْــــنُ عَــــدَدْ
فِيْهَا حُقُوقُ المُوْفَـدِيِنَ    لَيْــسَ فِـيْــهَـا مِنْ زَبَـدْ
غَـيْرَ أَنًّ العُـقْمَ طَـبْـعٌ   فِي الـوَزَارَةِ مَاابْـتَـعَـدْ
يِاطِبِيْبَ العُـقْمِ عَالِـجْ    فِي وَزَارَتِـكَ الـرَّمَــــدْ
عَلَّهَا تُبْصِـرْ حُـقُـوْقَـاً   أَوْ سَـنَأْتِـي بِالـمَــسَــــدْ
إِنَّــنَا الـيَــوْمَ نُـنَــادِي  لِلْعَـــــدَالَـةِ فِـــي مَـــدَدْ
يَاوَزِيْرَ العَدْلِ أَنْصِفْ  إِنَّ فِـي العَــدْلِ رَشَـــــدْ
وَالْغِ مَرْسُوْمَاً يُضَـيِّعْ  حَـقَّـنَا دُوْنَ السَّــــــــنَــدْ
لَايَـمُوتُ الـــحَــقُّ إِنَّ  الحَقَّ سَـــيْـفٌ مَاانْغَـمَـدْ

د. مصطفى حسين بطيخة - زمان الوصل
(7)    هل أعجبتك المقالة (8)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي