شهدت العاصمة الفرنسية باريس، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، اجتماعاً تشاوريًا جمع عائلات المفقودين والمخفيين قسراً مع الهيئة الوطنية السورية للمفقودين، في محطة جديدة تهدف إلى تعزيز التواصل المباشر مع ذوي الضحايا في دول اللجوء، وإشراكهم في عملية البحث وكشف المصير ضمن مسار العدالة الانتقالية في سوريا.
حضر اللقاء الدكتور محمد رضا جلخي، رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين، فيما أدار الحوار مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، في إطار مسعى مشترك لتطوير آليات الوصول إلى الحقيقة وإنصاف الضحايا.
هيئة وطنية على أساس إنساني – قانوني
استهلّ الدكتور الجلخي اللقاء بالتأكيد على أن "الهيئة الوطنية ما كانت لتوجد لولا آلام وآمال عائلات المفقودين"، مشيرًا إلى أن الهيئة تعمل وفق إطار إنساني–قانوني يستند إلى المعايير الدولية والممارسات الفضلى في مجال البحث عن المفقودين.
وأوضح أن قضية المفقودين هي "الجرح الأكثر نزفًا في الوعي الجمعي السوري"، وأن أعداد المفقودين تُقدَّر بمئات الآلاف، ما يجعل هذا الملف من أعقد الملفات في مسار العدالة الانتقالية.
قدّم الجلخي عرضًا موسّعًا حول تأسيس الهيئة، مؤكّدًا أنها تبني نموذجًا سوريًا مميزًا يقوم على الشراكة بين الحكومة السورية والهيئة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وروابط عائلات الضحايا والمؤسسات الدولية، وأن عمل الهيئة يستند إلى أربع مبادئ رئيسية:
- التشاركية
- الشفافية
- عدم التمييز
- العلمية والمهنية
وشدّد على أن "الحقيقة لا تُحدَّد بالشعارات، بل بالعلم، والطب الشرعي، والتوثيق المحترف"، وأن الأولوية تبقى للمؤسسة الوطنية للمفقودين باعتبارها ضمانة للسيادة والعدالة معًا.
خريطة طريق حتى عام 2027
استعرض الدكتور الجلخي خارطة الطريق الكاملة لعمل الهيئة، والتي تشمل خمس مراحل تمتد حتى العام 2027، وهي:
- 2025 — مرحلة البناء المؤسسي والقانوني للهيئة.
- 2026 — إطلاق المنصة الرقمية للبلاغات، والتي ستعمل عبر أربع مراحل: التبليغ، التحقق من الوثائق، التحقق الميداني، وأخذ العينات الجينية، بالإضافة إلى تقديم دعم قانوني ونفسي للعائلات وبناء الخبرات السورية.
- 2027 — فتح المقابر الجماعية والمطابقة الجينية.
- البحث الميداني عن المفقودين.
- تحديد المصير وتقديم دعم مستدام لعائلات الضحايا.
كما أعلن الجلخي أنه سيتم افتتاح 7 مراكز تمثيلية للهيئة في المحافظات السورية، إضافة إلى عقد مؤتمر سنوي لعائلات المفقودين بدءًا من العام القادم، كما تحدث عن إمكانية وجود مكتب متخصص في القنصليات السورية في الخارج لذات الغرض.
وأشار إلى إطلاق منصة "دعم الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا" بالتعاون مع ست منظمات مختصة بتوثيق حالات الاختفاء القسري، إضافة إلى توقيع مبادئ تعاون دولية في تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تحدد أدوار جميع الأطراف ضمن الإطار الوطني السوري.
تشريع جديد للمفقودين والمقابر الجماعية
كشف رئيس الهيئة الوطنية أن العمل جارٍ على إعداد مسودة قانون خاص بالمفقودين في سوريا، يتضمن إطارًا قانونيًا شاملاً لمعالجة أوضاع المختفين قسرًا، ويضع أسسًا واضحة للتعامل مع المقابر الجماعية، وقد يُطرح لاحقًا قانون منفصل خاص بالمقابر الجماعية بعد استكمال المشاورات مع الخبراء وذوي الضحايا ومنظمات المجتمع المدني.
درويش: إشراك العائلات ضرورة لا خيار
من جهته، شدّد المحامي مازن درويش على أهمية عقد هذه اللقاءات مع عائلات المفقودين في الداخل ودول الاغتراب، باعتبارهم شركاء أساسيين لا يمكن تجاوزهم في بناء مسار العدالة، مؤكدًا ضرورة إشراكهم في رسم السياسات وتقييم آليات عمل الهيئة لضمان شمولية المسار ومصداقيته.
تفاعل واسع وأسئلة مؤلمة
اختُتم اللقاء بجلسة حوارية مفتوحة، طرحت فيها العائلات أسئلة تتعلق بتحديد المصير، وآليات التوثيق، والتعاون مع الدول المضيفة، ومسار فتح المقابر الجماعية. وقدّم الدكتور الجلخي إجابات تفصيلية عكست حجم التحديات، وحجم العمل الجاري على الأرض.
فراس حاج يحيى - زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية