أدت صفقة الصواريخ الأخيرة بين روسيا وسوريا إلى إثارة أجواء من القلق الشديد لإسرائيل خاصة مع قوة هذه الصواريخ وتفوقها النوعي، والأهم من هذا النشاط السوري المريب في المنطقة والعالم، وهو النشاط الذي يهدف إلى تحقيق المزيد من التفوق الاستراتيجي والعسكري لدمشق بأية طريقة.ورغم أن الصواريخ الروسية التي اشترتها سوريا أخيرا ليست بالسلاح الفتاك أو المتميز القادر على تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط، فإن إبرام الروس لهذه الصفقة وتجاهلهم في الوقت نفسه للتحذيرات الإسرائيلية المتعلقة بخطورة التعاون العسكري مع سوريا، وإصرارهم على المضي قدما في طريق تعميق التعاون الاستراتيجي معها فإن كل هذا يمثل تحديا غير مبرر لإسرائيل، وهو التحدي الذي لا يمكن تجاهله خاصة أنه سينعكس سلبيا علينا في المستقبل، والأهم من كل هذا سيؤثر على الاستقرار في المنطقة برمتها خاصة أن الصواريخ الروسية من الممكن أن تصل للكثير من القوى المعادية لنا، وهي القوى التي ترتبط بعلاقات متميزة مع دمشق مثل حزب الله في جنوب لبنان أو حماس في قطاع غزة.
وعلمت «هآرتس» من مصادر مطلعة أن كلا الجماعتين تسعيان إلى الحصول على هذه الصواريخ قريبا نظرا لاقتناعها بأهميتها من جهة والأهم من هذا اقتناعها بأن هذا الصراع الاستراتيجي مع إسرائيل سيحسم بالصواريخ، خاصة في ظل التفوق الإسرائيلي سواء من حيث القوة البرية أو الجوية أو العسكرية عموما.
الأخطر من هذا كله أن منظومة الدفاع الجوي الخاصة بإسرائيل لا تعرف حتى الآن الكثير من الخصائص والمميزات لهذه الصواريخ الروسية التي تتردد أنباء عن قدرتها الذكية على المناورة واختراق أية جبهة للدفاع الجوي مهما كان تحصينها، الأمر الذي دفع برئيس هيئة الأركان الجنرال جابي أشكنازي إلى الإعراب صراحة عن قلقله من هذه الصفقة حتى مع تسلح إسرائيل بأهم وأخطر الأسلحة بالعالم.
وعلمت «هآرتس» أيضا أن أشكنازي وبعض كبار القادة والعسكريين أعربوا عن غضبهم الشديد أيضاً من التعاون الاستراتيجي الذي تنتهجه سوريا مع الكثير من الدول بداية من روسيا صاحبة الصفقة الأخيرة وتركيا وحتى فنزويلا.
ويرى أشكنازي أن هذه الدول تمثل خطرا كبيرا حاليا على إسرائيل، خاصة إن وضعنا في الاعتبار أن هناك عددا كبيرا من القادة السياسيين والعسكريين بجيوشهم انتقدوا إسرائيل وتعاملها مع الفلسطينيين، والأهم من هذا أن بعض المسؤولين وأصحاب القرار في هذه الدول مثل تركيا بالتحديد اعتبروا أن إسرائيل تمثل خطرا على استقرار المنطقة برمتها، وهو التصريح الذي يجعل من أي تعاون تقوم به الجيوش التابعة لهذه الدول يمثل خطرا مباشرا علينا.
الغريب أن جميع هذه الدول باستثناء روسيا تنادي بضرورة تعميق التعاون مع إيران، وتعتبرها بمثابة القوة الإقليمية الكبيرة في المنطقة، وهي القوة التي لا يمكن تجاهلها بأية حال من الأحوال.
والحاصل أن نشاط هذه الدول وبالتحديد سوريا بدأ في التصاعد منذ أول لحظة تولى فيها الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما منصبه كرئيس للولايات المتحدة، حيث كانت سياسة الرئيس السابق جورج بوش الابن كافية للتصدي وردع هذه الدول ووقف تعاونها مع بعضها البعض، إلا أن الأمور انقلبت رأساً على عقب، فالسياسة التي انتهجها أوباما ورغبته في إبرام السلام مع هذه الدول والتواصل معها، ومحاولة رفع العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة عليها، وهو ما انعكس على هذه الدول التي رغبت مع سياسة أوباما في مواصلة تهديدها للاستقرار العالمي والأهم من هذا الانقضاض على إسرائيل والتعدي عليها.
ومن هنا ورغم الهزيمة التي تعرض لها أوباما وحزبه الديمقراطي أخيرا في الانتخابات الأميركية فينبغي الرد جيدا على هذه الصفقة بالتحديد والتصدي للدول التي تحاول الإضرار بأمن واستقرار إسرائيل، وفي هذا المجال أقترح أن نزود جورجيا أو أوكرانيا المنافستين لروسيا بالسلاح المتقدم، وهو السلاح الذي سيثير جنون الروس الراغبين في إخضاع جيوش هاتين الدولتين بالتحديد لسيطرتهم.
وفي الوقت ذاته يجب أن نتواصل مع الفلسطينيين ونقنعهم بأن طريق السلام ممكن مع إسرائيل رغم الحواجز والمصاعب التي تتعرض لها مسيرة التسوية، وإقناعهم أيضا بأن طريق السلام أفضل ألف مرة من طريق التعاون مع أعداء إسرائيل، وهو ما لا يجب أن نسمح به خاصة مع خطورة هذا التعاون وتأثيره السلبي علينا في النهاية.
ترجمة: صحيفة العرب القطرية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية