وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء مشروع قانون تمويل الحكومة لينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة استمر 43 يوما، وتسبب باضطرابات واسعة في قطاعات اقتصادية حيوية، وترك مئات الآلاف من الموظفين دون رواتب، وسط تبادل الاتهامات بين الديمقراطيين والجمهوريين حول أزمة الميزانية.
وقال ترامب قبل التوقيع وسط تصفيق من المشرعين الجمهوريين الذين تجمعوا حوله في المكتب البيضاوي: "اليوم نرسل رسالة واضحة مفادها أننا لن نستسلم أبدا للابتزاز".
وصادق الكونغرس الأمريكي قبل ذلك بساعات على مشروع القانون الذي حصل على موافقة الأغلبية البسيطة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بعد أن أقره مجلس الشيوخ بهدف إعادة فتح الإدارات والوكالات الفدرالية. وفي المقابل، عبر كثير من الديمقراطيين عن استيائهم معتبرين الخطوة تنازلا من قيادة الحزب.
وانتقد رئيس مجلس النواب مايك جونسون الديمقراطيين بشدة قبل التصويت قائلا: "كانوا يعلمون أن ذلك سيسبب معاناة، وفعلوا ذلك على أي حال (...) كان الأمر برمته بلا جدوى. كان خاطئا وشريرا".
ويقضي القانون بعودة نحو 670 ألف موظف حكومي تم تسريحهم مؤقتا إلى وظائفهم، كما يحصل الموظفون الذين عملوا دون أجر، وبينهم أكثر من 60 ألف مراقب للحركة الجوية وموظف أمن المطارات، على رواتبهم المتأخرة. وينص الاتفاق أيضا على إعادة الموظفين الذين سرحهم ترامب خلال فترة الإغلاق، واستئناف السفر الجوي تدريجيا بعد حالة الشلل التي أصابته.
وكتب ترامب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي اتهم فيه الديمقراطيين بأنهم "كلفوا بلادنا 1.5 تريليون دولار... بسبب تصرفاتهم الأخيرة بإغلاق بلادنا". ولم تصدر بعد التقديرات النهائية لكلفة الإغلاق، لكن مكتب الميزانية في الكونغرس قدر خسارة قدرها 14 مليار دولار من النمو.
وصعبت المناورة السياسية المهمة على جونسون وحزبه الجمهوري، بعدما تقلصت أغلبيتهم إلى صوتين فقط. وتعهد الديمقراطيون بمعارضة أي قانون لتمويل الحكومة لا يضمن تمديد إعانات التأمين الصحي المقرر انتهاؤها نهاية العام، بينما تمسك ترامب بموقفه ورفض التفاوض بشأن مطالبهم، تاركا الإغلاق ليكون قاسيا قدر الإمكان.
وأدى الإغلاق إلى حرمان مليون موظف فدرالي من رواتبهم، وهدد برامج إعانات الغذاء للأسر ذات الدخل المنخفض، فيما عانى المسافرون جوا من إلغاء أو تأخير آلاف الرحلات قبل عطلة عيد الشكر. وحذر وزير النقل شون دافي من تفاقم الفوضى إذا استمر توقف صرف رواتب مراقبي الحركة الجوية.
وأظهرت الاستطلاعات أن الناخبين باتوا يحملون حزب ترامب مسؤولية الأزمة مع تجاوز الإغلاق الأربعين يوما، لكن الديمقراطيين تراجعوا في النهاية ومنحوا الجمهوريين الأصوات اللازمة في مجلس الشيوخ من دون الحصول على التنازلات التي طالبوا بها. وأحدث التراجع انقساما داخل صفوفهم، إذ رأت شخصيات بارزة ضرورة التمسك بتمديد إعانات التأمين الصحي.
وبرغم معارضة زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر لمشروع القانون وتصويته ضده، دفعت ضغوط داخل الحزب إلى مواجهته دعوات تطالب باستقالته بحجة إخفاقه في جمع الدعم اللازم.
ووصل الإحباط داخل الديمقراطيين بعد انتصارات انتخابية في نيويورك ونيوجيرسي وفيرجينيا وضعت ترامب في موقف ضعيف لأول مرة منذ عودته إلى البيت الأبيض، وأبرزت قضية تكاليف المعيشة كنقطة ضعف قبل انتخابات 2026 النصفية.
ووعد الجمهوريون في مجلس الشيوخ الديمقراطيين بالتصويت لاحقا على قضية التأمين الصحي، في وقت يتوقع أن تتضاعف تكلفة برنامج أوباما كير لملايين الأمريكيين إذا لم يتم تمديد الإعانات، وهي قضية تهدد وحدة تحالف ترامب وشعاره "لنعد العظمة إلى أمريكا".
وفي تطور سياسي، صرح ترامب يوم الإثنين أن حليفته السابقة مارجوري تايلور غرين "ضلت طريقها"، بعدما عبرت عضو الكونغرس عن امتعاضها من احتمال ارتفاع أقساط التأمين الصحي على أبنائها البالغين، قائلة إنها "مشمئزة" من هذا الأمر.
أ ف ب

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية