أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين مطرقة الاستثمار وسندان التراث.. مباني حمص المملوكية تواجه خطر التحويل إلى مطاعم

يُعد قصر الزهراوي أحد أبرز معالم العمارة المملوكية في مدينة حمص

تثار في مدينة حمص حالة من الغضب والاستياء بعد تداول أنباء عن نية الجهات المعنية تحويل اثنين من أهم المباني الأثرية المملوكية المتبقية في المدينة، قصر الزهراوي وقصر مفيد الأمين، إلى مطاعم استثمارية، في خطوة يعتبرها ناشطون ومهتمون بالتراث "جريمة بحق الذاكرة الحمصية" ومؤشرًا خطيرًا على استمرار التعدي على الإرث الثقافي السوري.

وعبّر ناشطون ومهندسون ومعماريون ومحبّو التراث في منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم القاطع لما وصفوه بـ"العبث بتاريخ المدينة".

وجاء في أحد المنشورات المتداولة: "تحويل الأماكن التراثية النادرة التي تتميز بسوية معمارية عالية إلى مطاعم هو جريمة كبرى. هذه المباني تستحق التسجيل على لائحة التراث العالمي لا تحويلها إلى مشاريع تجارية مشوّهة".

الإهمال والفساد
واعتبر أصحاب هذه الحملة أن مثل هذه الخطوات تمثّل استمرارًا لنهج الإهمال والفساد الذي طال العديد من معالم حمص القديمة، التي عانت خلال الحرب وما بعدها من دمار واسع وإهمال في أعمال الترميم والصيانة.

ويُعد قصر الزهراوي أحد أبرز معالم العمارة المملوكية في مدينة حمص، ويتميّز بزخارفه الحجرية الفريدة وفناءه الداخلي ذي الطراز العربي الأصيل. أما قصر مفيد الأمين فيقع في قلب المدينة القديمة، وكان لسنوات أحد النماذج النادرة للبيوت الحمصية ذات الطابع المملوكي – العثماني المشترك.

هاتان البنايتان، وفقاً لخبراء التراث، تمثلان آخر ما تبقّى من الهوية المعمارية الحمصية التقليدية التي تضررت بشدة خلال الحرب.

القرار الرسمي المثير للجدل
يستند الجدل إلى قرار صادر عن مجلس مديرية الآثار والمتاحف في الجمهورية العربية السورية بتاريخ أيلول/سبتمبر 2009، يتضمن بنوداً عدة حول توظيف واستثمار بعض الأبنية الأثرية في حلب واللاذقية وحمص.

ويشير القرار إلى الموافقة على توظيف دار مديرية الآثار في حمص كمركز توثيقي للمدينة، ما اعتبره بعض الناشطين مبرّراً قانونياً لإعادة إحياء هذا التوظيف الثقافي بدلاً من استثماره كمطعم تجاري.

لكن، وفقاً للمصادر المحلية، تُطرح اليوم بدائل استثمارية تقتصر على تحويل هذه القصور إلى مطاعم، ما أثار مخاوف من طمس معالمها المعمارية الأصلية.

ما بين التنمية والحفاظ على التراث
يرى مختصون أن تطوير المواقع الأثرية واستثمارها سياحياً يجب أن يتم وفق معايير دقيقة تضمن حماية الهوية البصرية والمعمارية للمكان.
ويحذر المهندس المعماري (م. أ. ح.) من أن "تحويل الأبنية الأثرية إلى منشآت خدمية من هذا النوع يعني بالضرورة إدخال تجهيزات تهوية ومطابخ وخدمات صحية، مما يفرض تعديلات إنشائية وتشويهًا بصريًا لا يمكن عكسه".

دعوات للمحاسبة والتحرك
ويطالب ناشطو حمص الجهات المسؤولة، وعلى رأسها مديرية الآثار والمتاحف ووزارة الثقافة، بالتدخل العاجل لوقف أي مشروع استثماري يهدد هذه المباني، وإعادة تفعيل قرار توظيفها الثقافي كمراكز وثائق أو متاحف.

ويؤكدون أن “الحفاظ على التراث ليس رفاهية، بل هو واجب وطني وإنساني تجاه الأجيال القادمة".

حمص القديمة... ذاكرة تنهض من الركام
منذ انتهاء العمليات العسكرية، تعاني أحياء حمص القديمة من بطء شديد في عمليات الترميم وإعادة الإعمار، فيما يزداد القلق من أن تتحول مشاريع "إعادة الإحياء" إلى ذريعة للخصخصة والاستثمار التجاري على حساب الهوية التاريخية للمدينة، فهل تنجح الأصوات الرافضة في إنقاذ ما تبقى من معمارها المملوكي أم أن المطاعم ستحلّ ضيفاً ثقيلاً على ذاكرة مدينةٍ أتعبتها الحرب وأنهكها الخراب؟

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(7)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي