في خطوة تعكس توجّه محافظة حمص نحو تعزيز المشاركة المجتمعية وتفعيل دور المواطنين في صياغة أولويات التنمية المحلية، انطلقت اليوم أعمال ورشة القيادة المجتمعية وتفعيل دور لجان الأحياء، بمشاركة عدد من رؤساء وأعضاء لجان الأحياء من مختلف مناطق المحافظة.
وتهدف الورشة، التي تستمر على مدى عدة أيام، إلى تأهيل قيادات محلية قادرة على إدارة المبادرات المجتمعية وتنظيم الجهود التطوعية، بما يسهم في تحسين الخدمات وتطوير الأحياء وفق احتياجات السكان.
وقالت رئيسة دائرة الشؤون الاجتماعية في محافظة حمص، المهندسة رهف درويش، في تصريح لـ "وكالة سانا" الرسمية إن "القيادة المجتمعية ليست منصبًا أو لقبا، بل هي ممارسة يومية تتجسد في المبادرة، والمسؤولية، والقدرة على تحفيز الآخرين نحو العمل الجماعي. نحن نعمل على تمكين لجان الأحياء لتكون شريكًا حقيقيًا في التخطيط والتنفيذ والمتابعة".
وتضمنت الجلسات الأولى من الورشة محاور تدريبية حول ركائز القيادة المجتمعية، وآليات اتخاذ القرار المحلي، وتنظيم المبادرات التطوعية، وأدوات التواصل الفعّال بين اللجان والمجتمع. كما تم عرض تجارب ناجحة من أحياء حمص في مجال المبادرات المجتمعية وإدارة الموارد المحلية.
تفعيل العمل الأهلي
وأوضح المشرفون على الورشة أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة محافظة حمص لتفعيل العمل الأهلي كأحد مكونات التنمية المستدامة في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، مشيرين إلى أن لجان الأحياء تشكل اليوم حلقة الوصل الأساسية بين المواطنين والسلطات التنفيذية في معالجة المشكلات اليومية وتحسين مستوى الخدمات.
من جانبه، أوضح المدرّب في التنمية المجتمعية الدكتور حسام الكردي أن الورشة تمثل "نقلة نوعية في التفكير الإداري المحلي"، مشيرًا إلى أن إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم اليومية يعزز الشفافية والمساءلة، ويسهم في بناء الثقة بين المجتمع والجهات الحكومية.
وأضاف الكردي: "عندما يشعر المواطن أنه شريك في القرار، يصبح أكثر التزامًا ومبادرة، وهذا هو جوهر القيادة المجتمعية التي نعمل على ترسيخها في ثقافتنا المحلية".
بدورها، أكدت رئيسة لجنة حي عكرمة القديمة، السيدة منى سليمان، أن الورشة أتاحت للمشاركين فرصة لتبادل الخبرات وعرض التحديات اليومية التي تواجه لجان الأحياء، لا سيما في مجالات الخدمات والنظافة وتنظيم المبادرات التطوعية، قائلةً: "نحن نلمس اهتمامًا حقيقيًا من المحافظة بدعم العمل الأهلي، وهذه الورش تمنحنا أدوات عملية لنكون أكثر فاعلية في خدمة أهلنا".
وتأتي هذه الورشة ضمن خطة محافظة حمص لتفعيل العمل الأهلي والمجتمعي كأحد محاور التعافي والتنمية المحلية بعد سنوات من التحديات، إذ تسعى المحافظة إلى بناء نموذج إداري قائم على الشراكة بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، بما يضمن استدامة المشاريع التنموية وتحقيق أولويات المواطنين على أرض الواقع.
تعزيز اللامركزية
ويرى متابعون للشأن المحلي أن هذه الخطوة تنسجم مع التوجه الوطني نحو اللامركزية الإدارية وتمكين المجتمعات المحلية، مؤكدين أن الاستثمار في بناء قدرات لجان الأحياء يشكل ركيزة أساسية في مسار إعادة الإعمار الاجتماعي، وليس فقط العمراني.
وتُعد هذه الورشة واحدة من سلسلة نشاطات مجتمعية تشهدها محافظة حمص في الفترة الأخيرة، في إطار توجه وطني أوسع نحو تعزيز اللامركزية والمشاركة الشعبية في صنع القرار المحلي، بما يسهم في بناء مجتمع متعاون ومتضامن قادر على مواجهة التحديات.
زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية