
كشف الجهاز المركزي للرقابة المالية عن سلسلة من التجاوزات والأخطاء الجسيمة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ارتكبت بالتعاون مع إدارة المؤسسة خلال فترة النظام البائد، ما أدى إلى هدر مبالغ مالية كبيرة من المال العام وأموال المؤمَّن عليهم.
وأفادت نتائج عمليات التدقيق التي أجراها الجهاز عن وجود تجاوزات وأخطاء في احتساب وصرف المعاشات التقاعدية في عدد من فروع المؤسسة، نجم عنها صرف مبالغ إضافية بشكل غير مستحق، الأمر الذي استوجب متابعة عاجلة وشاملة لتصحيح جميع الحالات المتأثرة.
أخطاء بشرية وتكرار في الصرف
وأظهرت الدراسة أن جزءاً من الأخطاء كان ناجماً عن عمليات "بشرية" في احتساب المعاشات التراكمية للفترة ما بين تاريخ التقاعد وتاريخ تأشير القرار من قبل الجهاز. هذه العمليات كانت تُجرى يدوياً، ما أفضى إلى صرف فروقات مالية إضافية تستوجب المراجعة واستردادها لصالح المؤسسة.
كما رصدت فرق التدقيق حالات "صرف معاشات تقاعدية مكررة" عند نقل ملفات المتقاعدين بين الفروع. وعند فحص عينة أولية بلغت 18 حساباً تقاعدياً فقط، تبيّن وجود فروقات صرف بزيادة وصلت إلى 116,087,825 ليرة سورية. هذا الكشف استدعى توسيع نطاق الدراسة لتشمل جميع الحالات المماثلة في كافة الفروع لضمان استرداد كامل المبالغ المصروفة بشكل غير قانوني.
معاشات للأحياء والأموات... "متقاعدو المستقبل"!
إضافة إلى ذلك، كشفت الرقابة عن إشكالية تتعلق بتحويل المعاشات التقاعدية للفئات العمرية التي تبلغ 95 عاماً فما فوق، دون طلب مستندات رسمية تثبت استمرارهم على قيد الحياة. والأكثر غرابة هو أن هذه المشكلة شملت فئة من المتقاعدين المدخلين على النظام البرمجي بأعوام مفتوحة قد تصل إلى عام 2300 ميلادي، ما يشير إلى خلل إداري وبرمجي خطير. وفي إجراء فوري، بادرت المؤسسة بتاريخ 2025/7/23 إلى إيقاف صرف بعض هذه المعاشات في عدة فروع للحد من هدر المال العام.
تشكيل لجنة للمراجعة واسترداد الأموال
بناءً على نتائج التدقيق الأولية، طلب الجهاز المركزي للرقابة المالية تشكيل لجنة فورية من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحت إشرافه المباشر. مهمة اللجنة تتمثل في دراسة جميع هذه الحالات وتحديد الآثار المالية المترتبة عليها، واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لاسترداد المبالغ المصروفة لصالح المؤسسة، مع متابعة مستمرة لضمان استمرارية الرقابة.
وأكد الجهاز المركزي للرقابة المالية أن هذه الإجراءات تندرج ضمن مساعيه لـ "تعزيز الشفافية والمساءلة وحماية أموال المؤمَّن عليهم وصون المال العام"، مشدداً على استمرار أعمال التدقيق والمتابعة بالتعاون مع المؤسسة والجهات المعنية، لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات في المستقبل.
زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية