
توفي في مدينة ميونخ الألمانية رئيس الوزراء السوري الأسبق "عبد الرؤوف الكسم" عن عمر يناهز الثالثة والتسعين عامًا، بعد مسيرة طويلة في العمل الأكاديمي والسياسي شغل خلالها عددًا من المناصب البارزة في الدولة السورية.
وُلد الكسم في دمشق عام 1932 لأسرة علمية عُرفت في الأوساط الدينية، إذ كان والده محمد عطا الله الكسم مفتي الديار الشامية بين عامي 1918 -1938.
حصل الكسم على إجازة في الفلسفة من جامعة دمشق عام 1953، قبل أن يتجه إلى دراسة الهندسة المعمارية في جامعة إسطنبول، ثم نال درجة الدكتوراه في العمارة من جامعة جنيف عام 1963.
بدأ مسيرته الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، حيث تولى عمادتها بين عامي 1964 و 1970، ثم رئاسة قسم العمارة في كلية الهندسة حتى عام 1977
وفي عام 1979 عُيّن محافظًا لدمشق، قبل أن يتولى رئاسة مجلس الوزراء في عهد حافظ الأسد بين عامي 1880 و1987.
خطط اقتصادية وإدارية
جاء الكسم إلى رئاسة الحكومة في مرحلة من أدقّ وأصعب المراحل الأمنية والسياسية في تاريخ سوريا الحديث، إذ كانت البلاد آنذاك تعيش ذروة الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين، كما شهد عهده إبعاد رفعت الأسد عن البلاد.
وقد اعتُبر اختياره لرئاسة الحكومة في ذلك الظرف الحساس رسالة داخلية وخارجية، تهدف إلى نفي الاتهامات التي كانت تُوجّه إلى حافظ الأسد بالطائفية، وهي الاتهامات التي كانت تتردد آنذاك في أوساط مصرية ولبنانية على وجه الخصوص.
وخلال سنوات توليه رئاسة الحكومة، شهدت البلاد أحداثًا سياسية واقتصادية كبرى، وكان الكسم من الشخصيات المدنية البارزة داخل النظام، حيث شارك في صياغة عدد من الخطط الاقتصادية والإدارية، كما واجه انتقادات واسعة على خلفية الأوضاع الداخلية في تلك المرحلة.
إلى جانب عمله السياسي، عُرف الكسم بإسهاماته المعمارية، إذ شارك في تصميم عدد من المشاريع المعروفة مثل كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق والمعهد العالي للغات والمعهد الهندسي المتوسط، كما نال عدة جوائز في مسابقات هندسية خلال ستينيات القرن الماضي.
ترك عبد الرؤوف الكسم وراءه إرثًا أكاديميًا وسياسيًا مثيرًا للجدل، بين من يرى فيه رجل دولة وأستاذًا للعمارة، ومن يحمّله مسؤولية ما جرى خلال حقبة الثمانينيات في سوريا.
بحلول عام 2011، حين اندلعت الثورة السورية، كان الكسم خارج السلطة التنفيذية منذ قرابة ربع قرن، مما يقلّل من احتمال أن يكون له دور مباشر معلن أو موقف رسمي مشهور في تلك اللحظة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية