أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محمد سعيد يونس.. بطل القلع وسيرة الشجاعة التي لا تموت

من ذاكرة الأدهمية، ومن قلب مدينة جبلة، تخرج الحكاية التي لا تُنسى… حكاية البطل الرائد محمد سعيد يونس، قائد معركة القلع في الجولان عام 1967، الذي سطر اسمه في سجل البطولة العربية بأحرفٍ من نارٍ ونور.

صرح العلم في جبلة وذاكرة البطولة
تُعدّ ثانوية جبلة (مدرسة الشهيد محمد سعيد يونس حاليًا) من أبرز المؤسسات التعليمية في الساحل السوري، فهي أول ثانوية في المدينة، ومهدُ أجيالٍ لا تُعدّ من الطلاب والمبدعين والقادة. كانت وما زالت صرحًا تنويريًا عملاقًا، بُنيت على طرازٍ معماري مهيب، واحتلت موقعًا استراتيجيًا في قلب المدينة التاريخية.

وقد تشرفت هذه المدرسة بأن تحمل اسم أحد أنبل أبناء جبلة وأشجعهم، الشهيد محمد سعيد يونس، تخليدًا لتاريخه الوطني الناصع وتضحيته الخالدة في سبيل الوطن.

ميلاد بطل من جبلة الأدهمية
وُلد محمد سعيد يونس في حيّ الدريبة بمدينة جبلة الأدهمية، ذلك الحيّ الذي أنجب القادة والعلماء والأبطال، ومنهم الشيخ الشهيد عز الدين القسّام. في بيئةٍ مشبعة بالقيم الدينية والوطنية تربّى الفتى اليافع، فشبّ على حبّ الوطن والإقدام ونصرة المظلوم، حتى غدا ضابطًا في الجيش العربي السوري، وقائدًا ميدانيًا يحظى بتقدير رؤسائه واحترام جنوده.

معركة القلع.. أسطورة الصمود والفداء
في حرب الخامس من حزيران عام 1967، كان الرائد محمد سعيد يونس قائدًا لموقع القلع في الجولان، أحد أهم المواقع الدفاعية في الجبهة الشمالية. هاجم العدو الإسرائيلي الموقع بعد قصفٍ جوي مكثف، مدعومًا بلواءين مدرعين ولواء مشاة من قوات النخبة، في محاولةٍ لاختراق الدفاعات السورية واحتلال القنيطرة.

لكن البطل محمد سعيد يونس واجه هذا الزحف بشجاعةٍ نادرة. أدار معركةً بطولية حقيقية، أوقف خلالها زحف العدو يومًا كاملًا، وكبّده خسائر فادحة تجاوزت أربعين دبابة وآلية.

كان يقاتل من دبابة إلى دبابة، حتى استشهد في ميدان الشرف، وارتقى مع رفاقه بعد أن كتبوا صفحةً مجيدة في تاريخ العسكرية السورية.

وقد اعترف قادة العدو أنفسهم ببسالته؛ إذ ورد في كتاب الصحفي الإسرائيلي “حرب الأيام الستة” أنّ ضابطًا سوريًا بقي يقاتل وجنوده 18 ساعة متواصلة في موقع القلع، وأوقف تقدم اللواء الإسرائيلي رغم القصف الجوي العنيف. كان ذلك الضابط هو الرائد محمد سعيد يونس.

اعتراف وتكريم
نال البطل الشهيد تقدير القيادة السورية آنذاك، وأشاد الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي ببطولاته في خطبه. كما خُلّد اسمه في المتحف الحربي بدمشق، حيث يتصدر تمثاله القاعة الرئيسية، وجرى إطلاق اسمه على أكبر وأقدم مدارس جبلة وعلى أحد شوارعها الرئيسية.

الرمز الذي لا يُمحى
لم يكن الشهيد محمد سعيد يونس مجرّد قائد عسكري خاض معركةً باسلة، بل كان رمزًا من رموز الوطنية السورية، ومثالًا على الإخلاص والتضحية في سبيل الأرض والشرف.

ومن هنا، فإنّ أيّ محاولة لتغيير اسم المدرسة التي تحمل اسمه تُعدّ مساسًا بذاكرة المدينة ووجدانها، وتنكّرًا لتاريخٍ من العزّ والمجد يجب أن يبقى منارةً للأجيال القادمة.

إنّ الحفاظ على اسم الشهيد محمد سعيد يونس هو حفاظٌ على جزءٍ من هوية جبلة وتاريخها الوطني، فالأمم التي تمحو أسماء أبطالها، تمحو صفحاتٍ من كرامتها.

ناصر الحموي - زمان الوصل
(7)    هل أعجبتك المقالة (7)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي