أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قانون المصارف قانون النهب المقنّن: غطاء قانوني لسرقة شقق الثوار والمهجّرين بإسم حماية المال العام

منذ شهر تقريباً اتصل فيني أحد الأصدقاء التاريخيين في علاقتي معه وهو العميد المنشق عدنان اصطيف ابن القصير قلعة الصمود والمخرز بعين ميلشيا "حزب الله".

طالباً مني مراجعة المصرف العقاري لتسديد ما عليه من اقساط القرض الذي استجره لشراء شقة في حرستا وذلك لعدم إمكانية التسديد لأنه ملاحق من الأجهزة الأمنية.. 

ولدى مراجعتي المصرف تبين أن هذه الشقة مباعة بالمزاد العلني بثمن بخس جدآ. 

وبعد الاستفسار علمت أن حالة صديقي يوجد ٱلاف الحالات المشابهة مثلها نظراً لصدور قانون النهب رقم 19 وبالتالي لا يمكن استعادتها مطلقا.. 
ومن عادتي أن اتصل بأمور المصارف بصديقي الخبير المصرفي الاستاذ أنس فيومي صديق الدراسة.

وبحكم كونه مدير الشؤون القانونية السابق للمصرف وهو مرجع معتمد لكافة المؤسسات المالية والإعلامية .. 

مما سهل مهمتي وقام بإرسال هذه الدراسة التالية والتي أنشرها الآن .. 

وهي محزنة جدآ لا لصدور القانون في زمن عهد الاجرام ولكن لسبب استمرار العمل فيه حتى الآن حيث أفاد مايلي: 
في عام 2014، وفي خضمّ نيران الحرب التي أشعلها النظام المخلوع الجرم ضد شعبه، خرج علينا بواحدٍ من أكثر القوانين فجاجة في تاريخ التشريع السوري: القانون رقم /19/، المتعلق بالإجراءات التنفيذية على عقارات المقترضين المتأخرين عن تسديد أقساطهم. 

قانونٌ قيل إنه لحماية أموال المصارف، أي لحماية "المال العام"، لكنه في الحقيقة كان سلاحًا تشريعيًا بيد أجهزة النظام للاستيلاء على منازل الثوار والمهجّرين الذين اضطروا للهروب من جحيم البراميل والمداهمات والاعتقالات. 

فهو في الظاهر، جاء لحماية حقوق المصارف، لكن في التطبيق كان مجرّد غطاء قانوني لعملية سطو منظّمة على العقارات في المناطق التي ثارت على النظام أو خرجت عن سيطرته. 

الآلاف من السوريين الذين اضطروا لمغادرة بيوتهم بسبب القصف أو الملاحقات الأمنية استيقظوا بعد سنوات ليكتشفوا أن منازلهم بيعت في المزادات العلنية. 

بأسعار لا تساوي حتى عُشر قيمتها الحقيقية، وبموجب إجراءات "قانونية" تمت دون علمهم أو  تبليغهم. 

فهو تشريع مفصّل على مقاس المصارف وتجار الأزمة. 

فالقانون رقم /19/ اختصر كل الإجراءات التنفيذية التي كانت تضمن الحد الأدنى من العدالة. 

ألغى مهل التبليغ، قلّص عدد جلسات البيع إلى جلستين خلال يومين فقط، ومنح المزاودين حرية الشراء "بأي ثمن"! 

هكذا تحوّل القانون إلى أداة لتصفية ممتلكات السوريين بأبخس الأثمان، لصالح تجّار الحرب وأصحاب النفوذ المرتبطين بالأجهزة الأمنية. 

بل إن بعض العقارات بيعت بمبالغ لا تساوي 10% من قيمتها السوقية، دون أن يُودَع الفرق لصالح المالك الأصلي كما يفرض القانون. 

فعقارات الثوار والمنشقين هدف مباشر والمناطق التي استُهدفَت بهذا القانون ليست صدفة. 

من ريف دمشق إلى أحياء حلب وحمص ودرعا - كلّها كانت مناطق الثورة. 

أغلب المقترضين من هذه المناطق لم يتمكنوا من العودة لاستلام تبليغ أو متابعة دعوى، فاعتُبرت أملاكهم "متروكة".

وصودرت لصالح المصارف ثم بيعت في المزاد لمن؟ 
لتجار الأزمة، ولمن كان يصفّق للنظام ويغتني من دماء الناس! 

المفارقة المذهلة أن القانون رقم /1/ لعام 2016، وهو قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد، ألغى عمليًا كل النصوص المخالفة له، بما فيها أحكام القانون /19/. 

ومع ذلك، ما زالت المصارف حتى اليوم تتذرّع بالقانون الميت لتبرير عمليات البيع والنهب، في تجاهلٍ تام لنص المادة /504/ من القانون الجديد، التي أوضحت أن التنفيذ لا يتم إلا وفق أصول الإبلاغ والتبليغ الحقيقي. 

بل إن مدير تنفيذ حلب الذي تجرّأ ورفض تطبيق هذا القانون الجائر… تم عزله فورًا!
فكيف يمكن أن تُباع عقارات دون علم أصحابها؟ 
كيف يُسمح بنقل ملكيات بناء على إجراءات تنفيذية لم يُبلّغ بها أحد؟ 
القانون /19/ جعل من عملية البيع "سرية"، وكأنها صفقة مشبوهة تُدار في الظلام، في الوقت الذي يُفترض أن تكون العدالة علنية وشفافة
القانون رقم /19/ لم يكن تشريعًا لحماية المال العام… 
بل كان تشريعًا لنهب المال الخاص، أُريد منه أن يُشرعن الاستيلاء على بيوت المنشقين والثوار والمهجّرين. 
قانون وُلد في رحم الظلم، واستُخدم كأداة انتقام من الشعب السوري الذي طالب بالحرية والكرامة. 
ملاحظة: هذا القانون ألغائه يجب أن تكون من أولويات مجلس الشعب.








المحامي باسل سعيد مانع - زمان الوصل
(193)    هل أعجبتك المقالة (8)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي