
شهد ريف حمص الشمالي الشرقي تطورًا لافتًا بعد الإعلان عن اكتشاف سجن سري تحت الأرض في منطقة أبو حكفة، كان يُستخدم وفقًا للمعطيات الأولية لاختطاف المدنيين واحتجازهم قسرًا، وسط ظروف وصفت بأنها قاسية ومميتة.
الموقع المكتشف بُني بطريقة مخفية في أرض زراعية منعزلة، ما جعله بعيدًا عن الأنظار وأي رقابة قانونية أو حقوقية. وتشير المشاهدات الأولية إلى وجود بقايا حبال مشابهة لتلك التي عُثر عليها في سجن صيدنايا الشهير، والتي استُخدمت في عمليات شنق المعتقلين.
وبحسب مصادر محلية وحقوقية، فإن هذا السجن يعكس الأسلوب الذي اعتمدته الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري السابق، والمدعومة بميليشيات مرتبطة بـ"حزب الله" والحرس الثوري الإيراني، في ممارسة الاعتقال التعسفي والتعذيب والخطف. هذه الممارسات كانت تجري بعيدًا عن سلطة القانون، وغالبًا بدوافع سياسية أو مصالح شخصية.
المعلومات الأولية تشير أيضًا إلى أن ضحايا هذا السجن لم يكونوا من فئة واحدة، بل شملوا رجالًا ونساءً وحتى أطفالًا، ما يعكس حجم الانتهاكات التي مورست في تلك الفترة.
انتهاكات ترقى إلى جرائم
ويعتبر هذا الكشف جزءًا من سلسلة طويلة من الشهادات والوثائق التي ظهرت خلال السنوات الماضية، والتي تفضح أساليب الاعتقال القسري والتصفية داخل السجون والمراكز الأمنية في سوريا. ويُتوقع أن يثير هذا الاكتشاف الجديد اهتمام المنظمات الحقوقية الدولية، لما يحمله من أدلة إضافية على انتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
ويُنظر إلى هذا السجن الجديد باعتباره امتدادًا لنهجٍ طويل اعتمدته الأجهزة الأمنية السورية في إدارة ملف الاعتقال. فإلى جانب السجون المعروفة مثل صيدنايا، وثّقت تقارير حقوقية وجود مراكز احتجاز سرية عديدة داخل البلاد، بعضها لم يكن معروفًا للرأي العام إلا بعد سنوات.
وبحسب ناشطين فإن اكتشاف سجن "أبو حكفة" يعكس وجود نمط ممنهج من الانتهاكات، يتجاوز الممارسات الفردية إلى سياسات مؤسسية اتبعتها الدولة. فإخفاء السجون تحت الأرض، واحتجاز مدنيين من مختلف الأعمار، يشير إلى تخطيط طويل الأمد لإدارة الاعتقال خارج الأطر القانونية.
ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على البنية الأمنية التي حكمت سوريا لعقود، حيث تداخلت المصالح المحلية مع أجندات قوى إقليمية. ويذهب بعض المحللين إلى اعتبار مثل هذه السجون جزءًا من "أدوات السيطرة" التي اعتمدها النظام البائد، سواء لإرهاب المعارضين أو لتصفية حسابات داخلية، بما ينسجم مع مصالح حلفائه العسكريين.
تعزيز جهود التوثيق
ويرى خبراء حقوقيون أن اكتشاف السجن في ريف حمص يمكن أن يشكل فرصة جديدة لتعزيز جهود التوثيق، عبر جمع الأدلة الميدانية وتحويلها إلى ملفات قانونية قابلة للاستخدام في أي محاكمات مستقبلية، ويعيد النقاش حول ضرورة إنشاء آليات تحقيق دولية مستقلة، تضمن عدم إفلات المسؤولين من العقاب.
فارس الرفاعي - زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية