
قراءة استبيانية للمرحلة السابقة
تُعدّ هذه القراءة ضرورية لفهم كيفية إدارة المؤسسات الحكومية في زمن "النظام البائد".
كانت أغلب التعيينات الإدارية والتنظيمية والنقابية في ذلك الوقت تستند إلى عدة معايير واعتبارات:
أولًا: الانتماء الطائفي
غلبت على إدارة مفاصل الحكومة ومؤسسات الدولة طائفة معينة، حيث تم ربطها بالسلطة الحاكمة. وبناءً عليه، أصبحت أغلب المناصب مرتبطة حُكمًا بهذه الطائفة.
أُضيف إلى ذلك موضوع التوظيف بشكل عام وآلية تعيين الموظفين التي رُبطت أيضًا بالانتماء الطائفي، حتى وصلت نسبة هذه الطائفة إلى نحو 70% من موظفي القطاع الحكومي، وخاصةً في العاصمة دمشق، وفي القطاعات الحكومية الحساسة مثل: الطاقة، والإعلام، والخارجية، والقضاء، والمالية، والنقل.
ثانيًا: التعيينات الأمنية
تدخل الأمن والفروع الأمنية بشكل مباشر في التعيينات الإدارية.
فقد كان يتم تعيين عنصر أمنٍ يعمل كموظف مدني مرتبط بمؤسسة أمنية، يزوّد الفرع بكل التفاصيل المتعلقة بالتوجهات الأيديولوجية للموظفين.
شمل هذا النوع من التعيينات كل المؤسسات الحكومية، ولم تكتفِ الأذرع الأمنية بالتدخل في التعيينات الإدارية فحسب، بل كانت تقوم بدراسات أمنية عن جميع الموظفين.
ثالثًا: اعتبارات المصالح وتشكيل فرق الفساد
كانت تتشكّل في كل المؤسسات الحكومية شبكات ارتباط مبنية على اعتبارات المصالح الشخصية، فلم يكن التعيين يتم على أسس واضحة وصريحة، بل على أساس التعاون لتحقيق المصالح الخاصة.
وكان كل مسؤول يعيّن من هو أدنى منه بناءً على صداقته الشخصية وعلاقته به وتبادل المصالح بينهما.
رابعًا: التعيينات الحزبية
كان لحزب البعث دور كبير في التعيينات، فلم تُسلّم المناصب إلا للمنتسبين والأعضاء العاملين فيه.
ومن المعروف أن المادة الثامنة من الدستور السابق كانت تنص على أن الحزب هو القائد للدولة والمجتمع.
خامسًا: إقحام المرأة في دوائر الدولة ومؤسساتها
أصبحت المرأة في بعض المؤسسات تشكل 70% من تعداد الموظفين، خاصةً أثناء الثورة السورية، حيث هاجر الشباب السوريون إلى أوروبا أو شاركوا في الثورة، بينما أُلزم الباقون بالالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية. وهذا ما فتح المجال أمام المرأة لتكون المؤهلة الوحيدة للوصول إلى الوظيفة العامة.
كان الهدف من التوسع في توظيف النساء في القطاع العام هو توسيع دائرة السيطرة المدنية على إدارة الدولة للأقليات، وتوفير مصدر دخل إضافي لعائلات الأقليات الحاكمة.
في النهاية، يمكن القول إن الدولة كانت عبارة عن "مزرعة" للأقليات تُقسّم فيها المناصب والتعيينات، وكان كل من يتولى منصبًا يسرق من هذه "المزرعة" بما يتناسب مع منصبه وحجمه.
زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية