أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وثيقة سرية: الأسد خطط لإطلاق قناة تلفزيونية من غازي عنتاب لكسر "طوق" اغتيال الحريري

حصلت "زمان الوصل" على صورة وثيقة سرية صادرة عن إدارة المخابرات العامة السورية بتاريخ 24 تموز/يوليو 2005، تكشف عن دراسة فنية ومالية أُعدّت بأمر بشار الأسد، تتضمن خطة لإنشاء محطة تلفزيونية خارج الأراضي السورية، بعد أن اعتبر معدّو الدراسة أن تأسيسها داخل البلاد غير ممكن "لأسباب سياسية".

ثلاثة خيارات بديلة
المذكرة، المرفوعة مباشرة إلى الأسد، تناولت ثلاثة مواقع رئيسية كمقر محتمل للمحطة:
- دبي: رأت الدراسة أن تكاليف الإيجار والسكن مرتفعة، مشيرة إلى أن تكلفة المعيشة فيها تزيد بنسبة 30% مقارنة بمدينة غازي عنتاب التركية، وتحدثت عن خط أحمر سعودي سياسي.
- قبرص: اقترحت نيقوسيا، ليماسول، ولارنكا، لكنها حذّرت من كلفة الإيجارات المرتفعة، كما لفتت إلى مخاوف من "اختراق بعض أعضاء الفريق العامل" عبر النفوذ الاستثماري الإسرائيلي المتنامي في الجزيرة.
- جنوب تركيا: رشحت مدن غازي عنتاب، أضنة، ومرسين، بوصفها "رخيصة نسبياً" في تكاليف الإيجار والعمالة، مع ميزة إضافية هي قربها من الحدود السورية وإمكانية الوصول إليها براً، ما يقلل النفقات ويُسهّل تنقل الضيوف والفريق الفني.



التوصية التركية
رجّحت المخابرات كفة الخيار التركي، وتحديداً مدينة غازي عنتاب، للأسباب المالية والاستراتيجية. وأوضحت أن المدن التركية المقترحة تبعد بين 60 و120 كيلومتراً عن الحدود السورية، ما يمنح مرونة في الحركة باتجاه أوروبا والخليج عبر مطار المدينة.

كما أوصت المذكرة بإنشاء مكاتب إدارية ومالية داخل سوريا، مع إبقاء إمكانية الحصول على رخصة لبث بعض البرامج من الداخل في المستقبل، بما يساهم في "ضغط النفقات".



أداة للهروب من العزلة
تكشف الوثيقة أن مشروع المحطة الذي لم يبصر النور، لم يكن مجرد استثمار إعلامي، بل خطوة محسوبة في لحظة سياسية حرجة. ففي أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري مطلع 2005، وجد النظام نفسه محاصراً إقليمياً ودولياً، ولم يعد التلفزيون الرسمي السوري قادراً على كسر صورة النظام المنغلق والمُتهم بدعم الإرهاب.

من هنا، سعى الأسد إلى منصة إعلامية أكثر مرونة، تعمل خارج القيود الرقابية داخل البلاد، وتخاطب جمهوراً عربياً ودولياً بخطاب مختلف، يقدّم النظام كفاعل منفتح ومعتدل في وقت كان يواجه اتهامات مباشرة بالتورط في اغتيال الحريري.

قراءة في الاستراتيجية
توضح الدراسة أن النظام أدرك مبكراً أن المعركة لم تعد سياسية فقط، بل إعلامية أيضاً. فاختيار غازي عنتاب لم يكن صدفة: تكاليف منخفضة، موقع استراتيجي، سهولة السيطرة من دمشق، وانفتاح على فضاءات البث الدولية.

بهذا المعنى، فإن مشروع القناة كان محاولة مبكرة من الأسد لاستخدام "الإعلام الخارجي" كأداة لكسر الطوق السياسي والإعلامي، وإعادة صياغة صورة النظام في مرحلة كان يواجه فيها خطر العزلة وربما السقوط.

زمان الوصل
(9)    هل أعجبتك المقالة (36)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي