أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المسيحيون العرب وتهديدات القاعدة ... رشيد شاهين

منذ نشأته، لم يتوقف تنظيم القاعدة عن القيام بعمليات تتميز بالكثير من الدموية والهمجية والقتل العشوائي، هذه العمليات التي لم تروع سوى الأبرياء في الدول التي كانت مسرحا لها، وهي وإن دلت على شيء فإنما تدل على عقليات منحرفة أدمنت الإجرام والدم ، وعلى مجموعات من القتلة الذين تلطخت أياديهم بدماء الناس من كل الأديان والأعراق والجنسيات.

ادعاءات القاعدة وتلطيها خلف الإسلام، ثبت بطلانها، كذلك ثبت هراء كل ما تقوله عن انها تمثل هذا المذهب أو ذاك، فهي لم تكتف بقتل من تقول إنهم "الكفار"، وإنما هي قتلت في بلاد الإسلام وما زالت، أكثر مما فعلت في بلاد "الكفار"، وهي عندما تقول انها تستهدف " الشيعة" فإنما هي قتلت من السنة أضعاف أضعاف ما قتلت من أهل السنة، والأدلة على هذا القتل كثيرة لكل من يراقب ويتابع عمليات هذا التنظيم في مختلف البلدان العربية.

مؤخرا، قام التنظيم بتفجير كنيسة سيدة البشارة في بغداد مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات زادوا على المائة، وهي بعد ذلك قامت بتهديد جميع المسيحيين واعتبرتهم أهدافا مشروعة، خاصة بعد تواتر الأنباء عن قضية السيدتين اللتين أعلنتا إسلامهن في مصر.

تهديدات القاعدة باستهداف الإخوة من الديانة المسيحية، إنما يعني تهديد ملايين البشر، الذين هم أصحاب هذه البلاد قبل أن يكون العديد من أعضاء القاعدة عربا أو مسلمين، ومثل هذه التهديدات إنما تأتي ضمن مخطط لإفراغ البلاد العربية من المسيحيين، وعلينا أن نتخيل على سبيل المثال بلدا مثل فلسطين أو مدينة كبيت لحم بدون المسيحيين، شخصيا وللأمانة لست قادرا على استيعاب مثل هذه الفكرة إطلاقا، حيث ليس لدي القدرة على تخيل مدينة السيد المسيح بلا مسيحييها،أو الناصرة بدون أبنائها من المسيحيين وهم الذي كانوا في هذه الديار حتى قبل ظهور الإسلام، ولا يمكن أن نتخيل لبنان بدون مسيحييه، هؤلاء الذين ينحدرون من الفينيقيين الذين سبقوا الإسلام بقرون، ولا مصر بدون أقباطها الذين ينحدرون من أصول فرعونية سبقت الإسلام بآلاف لسنين.
إن من غير الممكن إن ينخدع أي كان من الناس، بما تم إطلاقه من قبل تنظيم القاعدة في حرصه على السيدتين القبطيتين، خاصة في ظل سجل من القتل والإجرام طويل ومقزز لهذا التنظيم، هذا الادعاء في الحرص على السيدتين يشبه إلى حد كبير ادعاءات القاعدة المتكررة فيما يخص فلسطين، حيث لم يقم هذا التنظيم بإطلاق طلقة واحدة من اجل فلسطين، وهو بهذا الادعاء يشبه إلى حد كبير ما يدعيه من حرص على الإسلام، في حين ان ما قام به من عمليات إجرامية في الشرق والغرب، إنما أساء إلى الإسلام كما لم يسيء إي تنظيم أو فرد أو مجموعة أو جهة كانت، ولا مبالغة في القول ان ما جرى للعراق وأفغانستان من تدمير واحتلال، إنما كان "بفضل" هذا التنظيم، كما انه لم يكن من الممكن لمثل هذه الكراهية للإسلام والمسلمين ان تصل إلى هذا المستوى، لولا "فضل" تنظيم القاعدة "ونعمها" على امة الإسلام.
من يدعي الحرص على السيدتين القبطيتين، لا يقوم بتفجير الأسواق والشوارع التي تعج بالناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، ومن يدعي الحرص على السيدتين لا يقوم بتفجير الفنادق في عمان، ولا محطات الأنفاق في لندن، ولا برجي التجارة في منهاتن، ولا في اسبانيا ولا في المغرب ولا في مصر ولا في أي مكان في الدنيا، أو لم يقرأ هؤلاء ما جاء في القرآن الكريم " أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" المائدة32
ادعاءات تنظيم القاعدة بكل تفرعاته في العراق أو في المغرب أو في الخليج، أو في أي مكان في العالم، لم تعد تنطلي حتى على السذج من الناس، فجرائم التنظيم كما دوره صارت معروفة ومكشوفة للقاصي والداني، وارتباطاته بجهات معادية للإسلام، ونشأته المشبوهة منذ الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، ورعاية المخابرات المركزية وتمويلها لهذا التنظيم أيضا معروفة، وعليه فان على من يقوم على هذا التنظيم ان يتوقف عن التلطي خلف الإسلام.
أن يقوم تنظيم القاعدة بالهجوم على الكنيسة في بغداد، أو على أي هدف في غيرها من المدن العربية أو غير العربية، إنما يخالف العقيدة الإسلامية، كما انه يخالف ما ذهب إليه الإسلام منذ نشأته في رعاية واحتضان كل من هو غير مسلم ويقيم في ديار الإسلام، وإذا كان هؤلاء الغلاة يدعون تبعيتهم أو اعتناقهم للدين الحنيف، فما عليهم سوى العودة لقراءة التاريخ وتجربة فتح القدس والعهدة العمرية، ولتذكير هؤلاء فإننا نورد ما جاء في مقدمة تلك العهدة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين، أهلَ إيليا من الأمان :
أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملته؛ أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنتقص منها ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود.
فأين أنتم من الإسلام بعد هذا وأي علاقة لكم بهذا الدين.
8-11-2010

(97)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي