أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ما الذي يخفيه يائيل الحسن خلف ضحكته يوم اعتقاله؟

الحسن

لم تكن ضحكة العقيد يائيل الحسن لحظة اعتقاله مجرد انفعال عابر، بل كانت قناعًا يخفي خلفه رهانًا قديمًا: أن الجلاد قادر دائمًا على تبديل جلده، وأن دماء الضحايا يمكن أن تُمْحَى بورقة "الضحية الجديدة". لقد ضحك من قبله كارادجيتش، سفاح البوسنة، وهو يُقَدّم نفسه شاعرًا مظلومًا. ضحكة الحسن لم تكن سوى النسخة السورية من هذا المشهد المتكرر عبر التاريخ: حين يضحك المجرم، ليس لأنه بريء، بل لأنه يظن أنه سينجو.

سأخبرك من هو بدايةً لمن لا يعرف: كان يائيل محمد الحسن - القرداحة - زينو، دورة 38 حربية، اختصاص تسليح، من الطائفة المرشدية ويَدّعي دائمًا أنه من الطائفة العلوية، وبرأيي الأديان والطوائف كلها منه براء - رئيس مستودعات الأسلحة في مَهين ما قبل عام 2015، أحد أكبر مستودعات الأسلحة التابعة للنظام الساقط. وكعادته كان سفاح المنطقة وناهبها. كان يَتَسَلَّى ليلًا بقصف القرى المحيطة بمَهين، ومن بينها قريتي القريتين، حيث أذاق أهلها الخوف والرعب.

التقيت به في سجن البالونة العسكري بعد أن حُوِّلت إليه من سجن صيدنايا، وفي الطابق الأرضي، كان هناك جناح يضم خمسة مهاجع فقط، مُخَصَّصَة لعناصر "الدفاع الوطني" والأفرع الأمنية الذين ارتكبوا مجازر عظيمة لا يستطيع النظام تدارك فضيحتها، أو مِمَّن فقد النظام ثقته فيهم، أو لا يستطيع حتى التحكم فيهم. وكالعادة، لم يكن "الكلب ليعض ذيله"، بل أخفاهم النظام هناك و"فرك آذانهم"، لكنه ظل يدللهم، بل واستخدمهم في كثير من الأحيان لتصفيتنا بإدخالهم بيننا في المهاجع في صيدنايا.

في سجن البالونة، كان يائيل الحسن سجينًا في مهاجع الضباط بصفته سجينًا عسكريًا لا معتقلًا سياسيًا. أما التهمة التي رويت لي فهي "تسليم مستودعات مَهين للجيش الحر". ولحظة القبض عليه، وُجِدت بحوزته حقائب مليئة بالدولارات، إضافة إلى عشيقة قُتِلت أثناء العملية التي نفذتها "صقور الصحراء" التابعة لمحمد جابر. (هذه المعلومة نقلها لي أحد العناصر الذين قبضوا عليه على زمن النظام الساقط، وكان العنصر هو نفسه لاحقًا سجينًا بتهمة الخطف والقتل).

نُقِل يائيل الحسن بعد البالونة إلى سجن حمص المركزي الذي خرج منه في يوم التحرير مع من خرجوا.

كل ما سبق قد يكون مجرد روايات، وإن صحت فإنها لا تشفع لهذا الشخص ما فعله بأهالي مَهين والقريتين. لكنني على ثقة أن أمثال هذا الرجل، مِمَّن يملكون ورقة رابحة مثل "سجنه في عهد النظام السابق"، سَيُسْتَخْدَم ذلك لتبرئته والالتفاف على الحقيقة، وتقديمه كضحية مظلومة، في حين أنه في الحقيقة لم يكن سوى مجرم ومُنْتَهِز فرص في كل الأوقات.

قد يحاول أمثاله، وبسهولة، ارتداء ثوب الضحية المُضْطَهَد. وقد يظنون أنهم سينجحون. لكنني، أنا وكل المعتقلين الناجين، نعرف اليوم أن من حكمة الله في بقائنا أحياء، أن نفضح زيف هؤلاء وأمثالهم.

سلطان سلطان - زمان الوصل
(9)    هل أعجبتك المقالة (9)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي