لا يزال ملف المفقودين في سوريا يطفو على السطح مع كل شهادة أو وثيقة جديدة، كاشفاً جانباً من الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد الأب بحق ضباط وجنود الجيش منذ ثمانينات القرن الماضي.
من بين تلك القصص، تبرز قضية النقيب محمد عيد العيد، الذي اختفى في 3 أيلول/سبتمبر 1982 مع سبعة ضباط آخرين بعد اتهامهم بمحاولة انقلاب واستهداف القصر الجمهوري.
العيد كان ضابطاً شاباً من ديرالزور، رفض أوامر عسكرية "قمعية"، قبل أن يُعتقل ويُساق إلى مصير مجهول. بعد أيام قليلة، أُعلن عن إحباط "محاولة انقلابية"، ليختفي الضباط جميعاً من دون أثر.
سنوات لاحقة حملت بعض الخيوط. ففي عام 2007، أفاد معتقل سابق أنه شاهد النقيب العيد داخل سجن صيدنايا، مؤكداً أنه كان على قيد الحياة. وفي عام 2015، خرج ضابط من المعتقل يُدعى علي رجب من مدينة موحسن، وروى أنه كان محتجزاً مع النقيب، لكنه أوصى عائلته بعدم السؤال عنه خشية تصفيته. بعد ذلك بفترة قصيرة، قُتل الضابط رجب نفسه في ظروف غامضة، لتزداد القضية تعقيداً.

عائلة العيد تحتفظ بصور قديمة له، وتقول إن آخر معلومة مؤكدة وصلتها عام 2015، حيث كان لا يزال على قيد الحياة. لكن منذ ذلك التاريخ، انقطع كل خبر عنه، ليبقى مصيره، مثل آلاف الضباط والجنود والمدنيين المغيبين، مجهولاً حتى الآن.
قضية النقيب محمد عيد العيد ورفاقه السبعة ليست مجرد حادثة فردية، بل نموذج لسياسة ممنهجة انتهجها نظام حافظ الأسد، قوامها الإخفاء القسري والتصفية داخل السجون، وهي سياسة واصلها ابنه حتى سقوط النظام، لتبقى "أين هم المفقودون؟" واحدة من أكثر الأسئلة إلحاحاً في الذاكرة السورية.
الحسين الشيشكلي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية