أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قانون 49.. مشرعة الإعدامات التي لم تسقط مع سقوط الأسد

أرشيف

منذ حزيران/يونيو 1980، أصدر حافظ الأسد ما عُرف بـ"قانون 49" الذي نصّ على الحكم بالإعدام بحق كل منتسب لجماعة الإخوان المسلمين. لكن القانون لم يقتصر على الإسلاميين كما رُوِّج، بل تحوّل إلى سيف مسلط على رقاب آلاف السوريين والعرب، بتهم جاهزة ومفبركة، تمتد من "مناهضة أهداف الثورة"، و"إثارة النعرات الطائفية"، إلى "التجسس"، و"الاتصال بدولة أجنبية"، و"الانتساب إلى حزب البعث العراقي" الذي كان يقوده صدام حسين.

خلال أكثر من أربعة عقود، وحتى سقوط النظام في كانون الأول/ديسمبر 2024، حُكم بالإعدام أو أُعدم فعلياً بموجب هذا القانون عشرات الآلاف، بينهم سوريون وفلسطينيون وعراقيون ولبنانيون ومصريون وأردنيون ومغاربة وخليجيون ويمنيون.

القانون الذي جرى تعديله لاحقاً عبر المادة 83، وجرى طمس نصوصه الأصلية من معظم المراجع القانونية والإنترنت، شكّل غطاءً شرعياً زائفاً لمجازر جماعية، وحوّل أي معارض للنظام أو رافض للهيمنة الفارسية الشعوبية إلى "خائن" أو "إرهابي" يستحق الإعدام. حتى الحديث عن الجزر الإماراتية المحتلة (طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسى) كان سبباً كافياً لاعتقال صاحب الرأي وإعدامه، انسجاماً مع تحالف الأسد مع شاه إيران ومن بعده مع نظام الملالي.

إلغاء هذا القانون علناً في الجريدة الرسمية اليوم، لا يمثل فقط خطوة لإغلاق صفحة سوداء من التشريع السوري، بل هو تكريم لدماء الشهداء جميعاً، وإنصاف لضحايا الإعدامات السرية والعلنية، ورسالة بأن سوريا الجديدة لا يمكن أن تُدار بعقلية "الاجتثاث" أو "الثأر الطائفي".

لكن الخطر الداهم أن تُستعاد روح هذا القانون لاستخدامها ضد خصوم سياسيين أو أحزاب طائفية مسلحة ساعدت الأسد، مثل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وميليشيات عراقية ولبنانية وأفغانية. هذا المسار، إن سلكته الدولة، سيعيد إنتاج الاستبداد بأقنعة جديدة.

إن قانون 49، بما مثّله من أداة قتل وتشريع للظلم، يجب أن يُلغى إلى غير رجعة، لا أن يُستحضر بروح انتقامية. فالمعركة الحقيقية اليوم ليست في تكرار ممارسات الطغيان، بل في بناء دولة قانون تحاسب المجرمين بمحاكمات عادلة، وتحفظ للسوريين والعرب الذين قضوا في محارق الأسد مكانتهم كضحايا لا كـ"مدانين" على ورق.

سليمان الحسيني - زمان الوصل
(14)    هل أعجبتك المقالة (7)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي