تشهد منطقة شرق الفرات تعقيداً غير مسبوق، حيث تتقاطع فيها مصالح قوى إقليمية ودولية، وتتموضع قوات أميركية وفرنسية وروسية إلى جانب وجود عسكري تركي، فيما تفرض "قسد" سيطرتها على مساحات واسعة، وتتحرك فصائل ضعشائرية في مشهد متقلب، بينما تحاول إسرائيل النفاذ عبر قنوات استخباراتية.
تعد المنطقة الأكثر حساسية في سوريا لاحتوائها على حقول النفط والغاز، إضافة إلى المعابر الحدودية مع العراق وتركيا، ما جعلها ساحة مفتوحة للتنافس بين موسكو وواشنطن، وسط مراقبة تركية لصيقة، وهواجس أمنية مرتبطة بوجود حزب العمال الكردستاني.
المعادلة الداخلية أكثر تعقيداً، إذ يواجه سكان المنطقة واقعاً مزدوجاً بين إدارة "قسد" القائمة على بنية أمنية وعسكرية محلية، وبين نفوذ العشائر التي تطالب بتسليم المناطق للدولة السورية.
دير الزور بدت أكثر قابلية للانفجار بسبب كثافة الحقول النفطية، فيما تواجه الرقة تحديات خدمية وأمنية متزايدة، أما الحسكة فتحولت إلى مركز ثقل للصراع، مع وجود قواعد عسكرية أميركية وروسية، واعتبارها عقدة الممرات نحو العراق وتركيا.
ومع تزايد الضغوط الدولية للبحث عن تسوية، تطرح سيناريوهات مختلفة أبرزها: التدرج في إعادة دمج المناطق ضمن الإدارة المركزية، أو الإبقاء على شكل من اللامركزية الإدارية، مقابل ضمانات للحقوق الثقافية والسياسية للأكراد. في المقابل، ترى أنقرة أن أي صيغة لا تراعي أمن حدودها ستبقى مرفوضة، بينما تتمسك واشنطن وحلفاؤها بوجود عسكري مشروط بمتابعة الحرب على "داعش".
حتى الآن، لا مؤشرات على اتفاق نهائي يحدد مصير المنطقة، لكن المؤكد أن أي انهيار أمني واسع سيقود إلى حرب استنزاف جديدة، قد تجر المنطقة إلى دوامة عنف طويلة وتترك عشرات آلاف الضحايا.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية