أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ناقد يتحدث عن مالا يعجب "صبايا" و"الاتجاه المعاكس" و"مهرجانات الخليج السينمائية"

 محمد منصور: مهرجانات الخليج السينمائية تحظى بمباركة هالة سرحان... ومذيعات النواعم في تمثيلية التحليل النفسي!

من على شاشة قناة (روتانا سينما مش حتقدر تغمض عينيك) أطلت الإعلامية هالة سرحان بعد طول غياب، لتحل ضيفة في برنامج (النشرة الفنية) الذي أعيد على شاشة القناة مراراً وتكراراً، وكأنه إعلان ترويجي، لتتحدث عن مهرجان أبوظبي السينمائي وتشيد به معتبرة إياه (من أضخم المهرجانات السينمائية في الخليج العربي)، ولتهنئه على واحد من أعظم إنجازاته التي تدعو للفخر (على حد تعبيرها): إقناع يحيى الفخراني بحضور المهرجان... وهو الذي لا يوجد بكثرة في المهرجانات السينمائية العربية... ويبدو أن الفخر هنا مشتق من لقب الفخراني، إذا أردنا أن نفهم مبعث ذلك حقاً!
إلا أن المفارقة التي استفزتني في حديث الست هالة، ليست هذه المبالغات والتهويلات التي يمكن أن تمر عرضاً في لغة الترويج الفني، بل في أنها راحت تبرر كثرة مهرجانات السينما في دول الخليج التي لا تنتج سينما، وذهبت إلى القول: (صحيح مافيش إنتاج سينمائي ضخم في الخليج... إنما المهرجانات دي مهمة قوي) ولم توضح لنا السيدة هالة كيف يمكن أن تكون تلك المهرجانات مهمة، والدول المضيفة ليس لها ناقة أو جمل في سباق صناعة السينما وحتى تذوقها... وليت الست هالة تدلنا على دولة واحدة متحضرة في العالم، تنظم مهرجاناً عن فن أو إبداع أو حتى منتج ليس موجوداً على أراضيها أو في ثقافة واهتمام أبنائها.
وحدهم العرب ينظمون مهرجانات ليسوا فاعلين أو مؤثرين فيها... فالمهرجان بالنسبة لهم حالة تباه وتفاخر وغيرة من الأشقاء ودول الجوار... في حين تبدو المهرجانات بالنسبة للدول الأخرى وسيلة لإثراء الواقع المحلي، وبوابة للتفاعل مع الأفق العالمي... فمهرجان (كان) وجد في الأساس من أجل دعم السينما الفرنسية ثم الأوروبية، قبل أن يتخذ تلك المكانة العالمية بفضل خبرة منظميه وثقافتهم العالية في الفن السابع. ومهرجان (برلين) يقوم بدور فعال بالنسبة للسينما الألمانية قبل أن يكون مهرجاناً عالمياً مهماً بدوره.. وحتى جوائز الأوسكار وجدت للترويج للسينما الأمريكية، وتم تصميمها لتمثل روح الثقافة الأمريكية القائمة على استثمار كل عناصر الإبهار في صناعة النجوم، وما يدعم تلك الصناعة من تقنيات متطورة وبذخ إنتاجي، يجعل من هذه السينما الأكثر انتشاراً جماهيريا وتجارياً... الآن إذا قارنا هذه التجارب بمهرجانات مثل (دبي، أبو ظبي، مسقط، الدوحة) السينمائية كيف ستكون الصورة؟! أي فائدة ستجنيها الحركة السينمائية المحلية في تلك البلدان؟! أين هي الثقافة السينمائية الرفيعة التي يتمتع بها منظمو تلك المهرجانات... وما هو الاتجاه الذي يسعون وراءه لتكريس خصوصية ما لكل مهرجان على حدة؟!
والأدهى من ذلك: أين هي البيئة السينمائية الجماهيرية التي يمكن أن تحتضن المهرجان كحدث فني وثقافي له جمهوره، كما نرى على الأقل في مصر أو سورية أو لبنان أو تونس أو المغرب، حيث تبدو الصناعة السينمائية متعثرة بنسبة أو بأخرى، لكن هناك بيئة سينمائية لها علاقة بجمهور متابع ومعني بالفن السابع باعتباره جزءا من ثقافة يومية تشكل وجدانه منذ عشرات السنين؟!
طبعاً ثمة من سيتهمني هنا بالتعالي والشوفينية وبأنني أغمز من ثقافة الجمهور الخليجي وأعتبره ليس أهلاً للمهرجانات السينمائية التي تقام في بلدانه... ولعل اتهاما كهذا يمكن أن يصدر عن رغبة في المكابرة والادعاء... لأن الواقع يقول ان الجمهور الخليجي له ثقافته الخاصة، فقد انتقل فجأة من حياة محلية مغلقة إلى حياة استهلاكية مؤمركة (على الطريقة الأمريكية) ولهذا لم تبن ثقافته الراهنة وفق اجتهادات أبنائه، بل وفق مؤثرات النمط الأمريكي الذي صدر لهم لأسباب تجارية واستثمارية.
وبناء عليه لم تكن السينما الجادة والحقيقية جزءا من اهتماماته الأصيلة، اللهم إلا في بدايات الطفرة النفطية حين كان لإنشاء بعض دور السينما في بعض المدن الأكثر انفتاحاً كالكويت مثيراً للفضول ومبعثاً للدهشة.
وهكذا فقبل أن نبذخ في إنشاء مهرجانات مستوردة بالكامل بدءا من الطاقم الذي ينظمها وانتهاء بالسجاد الأحمر الذي يسير عليه ضيوفها... يجب أن نسعى لبناء ثقافة سينمائية حقيقية، عبر افتتاح الصالات والنوادي السينمائية وتأصيل الاهتمام بالسينما في صلب الحياة اليومية المترفة، التي يعيشها المواطن الخليجي... ولعل هذه الثقافة هي التي يمكن أن تجعل من صناعة السينما وإنتاجها هاجساً أو ضرورة محلية... وبالتالي يمكن أن تصبح المهرجانات في مرحلة تالية رافعة لواقع محلي بمقدار ما هي حافز لواقع سينمائي عربي، أو بوابة للتلاقح العالمي.
لقد سبق أن حضرت أحد المهرجانات السينمائية في الخليج، كان معظم منظميه من مصر وتونس وسورية... أما الخليجيون فيه فلم يكونوا يعرفون الفرق بين السيناريو والسكريبت، وبالتأكيد فإن أحدهم لم يحضر عملية تصوير فيلم سينمائي في حياته.. وليس العيب في ذلك بحد ذاته، ولكن يغدو ذلك عيباً عندما ننظم مهرجانات عن فنون ليس لنا علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد! والحمد لله أن فطرتي النقدية ألهمتني أن أكتب رأيي الصريح في ذلك المهرجان، وأن أقول رأيي الأشد صراحة فيه أمام إدارته، فلم أدع إليه مرة ثانية... وإلا لكنت قد استمرأتُ النفاق والدجل، ونظم الدرر والمدائح التي تجعل من مصلحتي أن يكون هناك مئة مهرجان سينمائي خليجي كي أقضي عامي متنقلاً بين نصفها على الأقل في دعوات باذخة لاهية... يسمع فيها أهل البيت ما يرغبون في سماعه من ضيوف ونجوم وإعلاميين من وزن هالة سرحان، يشجعون على توفير مثل هذه الرحلات السياحية المجانية تحت مسمى (مهرجانات سينمائية) في سلسلة متصلة من الإنجازات الكرتونية العديمة الفاعلية والأثر، التي تميز معظم ما تلهث وراءه دول الخليج اليوم من عناصر تباه وتفاخر شكلاني وصوَري... لا أثر لها إلا على الشاشات وأمام عدسات الكاميرات، وعلى صفحات بعض الصحف المتخمة بالإعلانات التحريرية من كل حدب وصوب!
كلام نواعم في عامه الثامن: تمثيلية التحليل النفسي!
خصص برنامج (كلام نواعم) حلقة هذا الأسبوع، لعرض مذيعاته الأربع على اختصاصية نفسية. استغنى عن ضيوفه وعن موضوعاته، وعن معالجة مشكلات مشاهديه، وعن مؤازرة جمهور الأستوديو الذي يصفق بأمر، ويضحك بإشارة... وأخذ مذيعاته الأربع إلى محللة نفسية، كي يتحدثن عن مخاوفهن وعن عقد طفولتهن، وعن جراحهن، وعن مدى قدرتهن على مسامحة من آذاهن... وعن مدى استعدادهن للاهتمام بأنفسهن أكثر!
لقد تم تحويلهن بعد ثماني سنوات من المواظبة على تقديم برنامج أسبوعي يحاول أن يجدد نفسه بلا طائل، إلى مادة علاجية قابلة للاستعراض.. فالتحليل النفسي عندما يكون أمام عدسات التلفزيون بحثاً عن مادة لملء حلقة من برنامج تلفزيوني، يصبح شيئاً آخر بالتأكيد... غير ذاك العلاج الذي يتم في عيادات أو مراكز طبية، والذي يمكن أن يخضع له إي إنسان يعيش ضغوط عالمنا المعاصر بلا حرج بالتأكيد... والتعابير والانفعالات التي تؤطرها الكاميرا بكوادر إخراجية مسبقة الصنع، تحيلنا إلى فن التمثيل أكثر مما تدخلنا في عوالم الحقيقة... وكلمات التعبير عن الراحة النفسية والامتنان للعلاج ولمسات المعالج واصطناع ملامسة الهموم واستشراف آفاق الشفاء، هي حالة تشبه النهايات السعيدة في الأفلام والمسلسلات الجماهيرية، أكثر مما تصلح لتكون ختام جلسة علاجية ليست هي بالتأكيد (لمسة نبي) كما يقال!
مشكلة (كلام نواعم) مثل مشكلة عشرات البرامج التلفزيونية العربية، تفقد مبررات استمرارها وتجددها من الداخل، وتريد أن تستمر كأمر واقع، وأن تجدد بفعل عمليات التنفس الاصطناعي، كما رأينا في هذه الحلقة على سبيل المثال لا الحصر... وعقبال الثمانين عاماً يا كلام نواعم... فمن الواضح أن بعض البرامج التلفزيونية العربية (وعلى رأسها برنامجكم وبرنامج زميلكم دكتور الاتجاه المعاكس) صارت مثل الولايات الرئاسية لحكامنا، لا يضع نهاية لها سوى سيدنا عزرائيل: هازم اللذات ومفرق الجماعات!
ملحمة الإعجاب الخليجي بمسلسل (صبايا)!
خلال وجودي بالسعودية هذا الأسبوع حدثني بعض الشباب الذين صادفتهم في محيط زيارتي عن إعجابهم الشديد بمسلسل (صبايا) الذي انتهت إحدى المحطات الخليجية من إعادة عرضه قبل أيام... إعجاب الشباب الخليجي بمسلسل (صبايا) لم يكن بالقصة فقد اعتبروا أن المسلسل (ما عنده سالفة) على حد تعبير أحدهم، ولم يكن إعجابهم بالإخراج... لأنهم لم يجدوا فيه شيئاً استثنائياً، وربما أنه لم يلفتهم الإخراج من الأساس لأنهم لا يعرفون ما يمكن أن يفعله المخرج في مسلسل اجتماعي ليست فيه معارك أو حشود او حتى (خناقات قبضايات) مثل مسلسل (باب الحارة) مثلا... ما أعجبهم في مسلسل (صبايا) بطلاته فقط... وعندما رحت أسأل بعضهم عن سوية تمثيل تلك البطلات، كانوا يسخرون مني قائلين: (يا أخي تمثيل إيش... همّ مسووين المسلسل عشان التمثيل)... عندها فضلت ألا أسمع أو أناقش أي رأي في هذا المسلسل من أي شاب خليجي يقول لي إنه معجب به... فبعض حالات الإعجاب أشد إيلاماً من أي هجاء!

القدس العربي
(101)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي