شهدت معظم مناطق العراق انقطاعا شبه كامل في التيار الكهربائي لساعات عدة يوم الاثنين، بعدما أعلنت وزارة الكهرباء تعرض المنظومة الوطنية لـ"انطفاء تام" نتيجة ارتفاع درجات الحرارة القياسية وتزايد الاستهلاك في محافظتي بابل وكربلاء.
تزامن هذا الانقطاع مع بلوغ درجات الحرارة ما بين 48 و50 درجة مئوية في بغداد و11 محافظة وسط وجنوب البلاد.
برز تأثير الضغط الكبير على الشبكة الكهربائية بوضوح في كربلاء، حيث يشهد الأسبوع الجاري توافد الملايين من الزوار الشيعة لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين.
تظل أزمة الكهرباء من أكثر المشكلات تعقيدا في العراق، إذ تتفاقم الانقطاعات اليومية خاصة في فصل الصيف حين تقترب الحرارة من 50 مئوية، مما يؤدي إلى موجة استياء شعبي متجددة في ظل بنية تحتية مهترئة وانتشار الفساد.
بحسب بيان المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، فقد "أدت درجات الحرارة غير المسبوقة وارتفاع الطلب في بابل وكربلاء المكتظتين بالزوار إلى انفصال خطي نقل للطاقة وخسارة مفاجئة لأكثر من ستة آلاف ميغاواط من الشبكة".
وأوضح أن هذا الخلل تسبب "بتسارع ترددات وحدات التوليد وانفصالها الكامل عن الشبكة الوطنية".
وأعلنت الوزارة أن فرقها الفنية تعمل بشكل متواصل لإعادة الوحدات المنفصلة والخطوط الناقلة تدريجيا خلال الساعات القليلة القادمة.
وأفاد مركز السيطرة الجنوبية بوزارة الكهرباء مساء اليوم باستئناف تدريجي للطاقة الكهربائية في محافظتي ذي قار وميسان، مع الإشارة إلى أن عودة التيار للبصرة ستتطلب مزيدا من الوقت وقد تستقر بحلول فجر الثلاثاء.
على صعيد آخر، لم يتأثر إقليم كردستان العراق بهذه الأزمة، إذ يتمتع بقطاع كهرباء خاص جرى تحديثه مؤخرا ويكفي لتوفير الطاقة اللازمة للسكان دون انقطاع.
جاءت هذه الأزمة وسط موجة حر قوية يتوقع استمرارها لأكثر من أسبوع.
أوضح عامر الجابري، المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية، أن وتيرة ودرجات الحرارة التي يشهدها العراق تعد غير مسبوقة مقارنة بالعقود الماضية.
وأشار إلى أن البلاد تواجه اليوم موجات حر أشد وأطول من القرن العشرين، مرجعا ذلك إلى التغير المناخي والعوامل البشرية.
ولفت الجابري إلى آثار الجفاف وتراجع الأمطار، كما حذر من "كارثة" التصحر وجرف الأراضي الزراعية.
ونوه بأن "مولدات الكهرباء الخاصة، رغم فائدتها، إلا أن انبعاثاتها الغازية تساهم في زيادة حرارة الجو".
في مدينة القاسم بمحافظة بابل، أشار عامل البناء حيدر عباس (44 عاما) إلى صعوبة العمل بسبب درجات الحرارة المرتفعة قائلا: "درجات الحرارة عالية جدا ولا أستطيع العمل بسببها".
وأضاف: "نحصل على الكهرباء لساعتين نرتاح خلالهما، وظروفي المالية لا تسمح بشراء مكيف هواء".
سبق للعراق أن واجه في تموز/يوليو 2023 انقطاعا واسعا للكهرباء بسبب حريق في محطة نقل جنوب البلاد.
وعلى الرغم من اعتماد أغلب العراقيين على المولدات الخاصة، إلا أن هذا البديل لا يكفي لتشغيل جميع الأجهزة المنزلية، خصوصا أجهزة التكييف.
أوضحت السلطات أن العراق بحاجة لتوليد نحو 55 ألف ميغاواط لتأمين خدمة دون انقطاع، وقد بلغ إنتاج محطات الطاقة 28 ألف ميغاواط هذا الصيف لأول مرة.
يظل العراق، بحسب تصنيف الأمم المتحدة، من بين أكثر خمس دول تضررا من التغير المناخي، ويعاني من آثار عقود من النزاعات وفساد مستشر في معظم القطاعات العامة.
أ ف ب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية