تعمل الفرنسية دلفين ليكاس كمنشطة في حقل الثقافة السورية منذ اثنتي عشرة سنة، وهي أقامت أخيرا "مهرجان دمشق للفنون البصرية" في نسخة هي الأولى، ضم معارض لفن التصوير الضوئي وفنون الفيديو، ويطمح إلى دعم إنتاج الفن المعاصر في سوريا.
ليكاس، وهي فرنسية من أب يوناني وأم سويسرية، درست الفنون التشكيلية والتطبيقية في فرنسا، جاءت دمشق لتعلم اللغة العربية، لكنها سرعان ما غادرت المعهد الذي راح يعلمها الفصحى بينما هي تحتاج "لغة الشارع".
وتروي دلفين "بعد إنهاء دراستي في فرنسا، أحببت أن آخذ استراحة أفكر فيها ماذا سأفعل بالضبط في حياتي".
وتضيف "سكنت في سوق ساروجة في دمشق، ووجدته مشابها للحي الذي تسكنه جدتي في أثينا. وجدت تشابها كبيرا بين دمشق وأثينا، ولم أشعر بغربة".
أثناء فترة دراستها القصيرة للغة العربية في دمشق العام 1998، اقترحت على المركز الثقافي الفرنسي إقامة ناد للتصوير الضوئي "وبالفعل أقمنا ناديا، بل ذهبنا بالفكرة إلى حد إطلاق مهرجان للتصوير الضوئي".
وتضيف "لم يكن لدينا مكان للمعرض، فأقمناه في الشارع، وأخذنا حمام الجوزة في سوق ساروجة كمختبر واستوديو للتصوير الضوئي، وبنينا علاقة طيبة مع أهل الحي الذين كانوا يأتون إلى الاستديو ونعمل لهم بورتريهات".
المهرجان الذي أسسته ليكاس ما زال مستمرا إلى اليوم تحت اسم "أيام التصوير الضوئي".
وتقول ليكاس "هكذا بقيت أعمل مع المركز لسبع سنوات لاحقة مسؤولة عن النشاطات الثقافية".
وتضيف "لكن العمل لسبع سنوات مع المؤسسة نفسها خطير في مجال الثقافة، حتى لو كانت المؤسسة هي الأعظم"، وتقول موضحة "لا بد من التوقف في الوقت المناسب كي لا تتحول إلى موظف".
سرعان ما وجدت ليكاس طريقها إلى الأمانة العامة لاحتفالية "دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008" منسقة للمعارض.
وتقول "في عملي يهمني دائما التطور، وفي 'الأمانة' عملت مع كبار الفنانين السوريين، وكنت سعيدة بأنني دخلت إلى مستودع المتحف الوطني ورأيت أعمال الرواد".
وحول صعوبات العمل في مجال الثقافة تقول ليكاس "يمكن تلخيصها بأمرين، الميزانية وصعوبة العثور على مكان". وتضيف "بإمكانك أن تلاحظ كيف أقمنا معرضنا هذا في بيت عربي قديم، واجهنا فيه مشكلة الكهرباء مثلا".
أما عن ميزة العمل في دمشق فتقول "أحببت البلد، وجزء من حياتي وذكرياتي أصبح في دمشق". وتضيف "لكن الأهم أنني أشهد على حركة مستمرة خلال 12 عاما، الجو الفني يتغير ويتحرك، وأنت تتحرك وسط هذه الحركة".
وتضيف "حتى التسعينيات كان العمل يقتصر على النحت والتصوير، لكن هذا يتغير، والفنانون يجربون أشياء أخرى. هناك غاليريهات كثيرة، والفنانون السوريون يقدمون في الخارج أكثر من قبل، ربما ساهم الانترنت في ذلك".
ولدى سؤالها عن مفارقة أن الشباب السوريين عينهم على الخارج، فيما هي عينها على سوريا، تقول "في النهاية هي ليست بلدي، وربما لأني أحببتها لا أرى سوى الوجه الجميل منها. بالتأكيد أرى أشياء تزعجني، ولكن لا تزعجني كما لو كنت سورية".
وتضيف "الناس لطيفون مع الأجانب، مع أنني لا أحب أن يتم قبولي لأنني أجنبية، في الوقت الذي لا تجد الأمور بالسهولة نفسها بالنسبة للسوريين".
وعن أكثر ما تحبه الآن في دمشق تقول ليكاس "أحب في المدينة معاصرتها وتقليديتها في الوقت نفسه، وهذا لن يطول كثيرا، ولذلك أنا هنا الآن. فثمة حالة طارئة، وأشياء كثيرة يجب فعلها الآن".
وتشرح "إنك ترى المدينة القديمة، سوق الحميدية والمولات الضخمة، ترى في الشارع نفسه سيارات من أحدث الطرز، وقد يليها حصان يركبه شاب لديه غرور سائق السيارة الحديثة نفسه. الآن يظهر الزمنان قرب بعضهما، وأتمنى أن يطول ذلك".
وعن مشاريع تفكر فيها للمستقبل تقول ليكاس "أفكر بشيء عن الأكل، فهناك علاقة بين الأكل والفن. أنا لاحظت أن الفنانين التشكيليين عموما يتقنون الطبخ، ففي كليهما كيمياء، مجموع مواد هي في النتيجة بعيدة عن المكون الأساسي".
وتختم ليكاس قائلة "البلد الذي تجد فيه ثقافة عميقة تجد فيه أكلا طيبا...وأنا أحب أكل هذا البلد".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية