في كل عام، يترقب طلاب شهادة البكالوريا امتحاناتهم المصيرية بقلوب مشدودة وأعصاب مشحونة، إذ تُعلَّق على نتائجها آمالهم التعليمية والمهنية، بل قد تُعلَّق عليها آمال عائلاتهم التي تراهن على هذا الجيل كشعاع أمل في وسط العتمة. لكن امتحانات هذا العام جاءت قاسية على نحو غير متوقع، وصادمة لكثيرين ممن اجتهدوا ودرسوا طوال العام.
لقد عبَّر عدد كبير من الطلاب عن استيائهم من طبيعة الأسئلة وصعوبتها الاستثنائية، خاصة في بعض المواد الأساسية، حيث تجاوزت الأسئلة ما تم تدريسه خلال العام الدراسي، لتتحول قاعات الامتحان إلى مشاهد من الحيرة والانكسار بدلًا من أن تكون ميدانًا لحصاد الجهد.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، إذ فُوجئ الطلاب وأهاليهم بتسرب بعض الأسئلة قبل موعدها الرسمي، ما أحدث حالة من البلبلة والقلق، وضرب في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص. شعر المتفوقون والمجتهدون بأنهم تعرضوا لظلم مزدوج: أولًا بسبب أسئلة لا تتناسب مع المنهج، وثانيًا بسبب خلل واضح في العدالة بين من امتلك "سبق المعرفة" ومن التزم بالأمانة.
دفعت هذه الظروف شريحة واسعة من الطلاب إلى توجيه نداء إلى وزارة التربية والتعليم، يطالبون فيه بإقرار دورة تكميلية لجميع المتقدمين، تكون بمثابة فرصة ثانية، خاصة لمن تأثروا سلبًا بالظروف التي أحاطت بالامتحانات.
وقد شملت المطالب ما يلي:
- إقرار دورة تكميلية شاملة لهذا العام، تُفتح أمام الطلاب لمادتين أو أكثر.
- أن تُمنح هذه الدورة الفرصة لتحسين العلامات، لا سيما في المواد التي شابها غموض أو صعوبات غير مألوفة، وخاصة مادة الرياضيات.
إن الطلاب لا يطلبون إحسانًا ولا منحة، بل يطلبون فرصة عادلة تُنصف تعبهم وتحفظ مستقبلهم. وهم يعوّلون على وعي الوزارة بأهمية هذه المرحلة في حياة الطالب السوري، وعلى تفهم الوزير لهذه المطالب المشروعة.
في النهاية، لا يمكن للوطن أن ينهض دون جيل شاب مؤمن بالعدل، مدعوم بفرص حقيقية، وواثق بأن مستقبله لا يُرسم في قاعات امتحان تتجاهل جهده، ولا في بيئة تعليمية تفقد نزاهتها.
عمار الحميدي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية