أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حمص تواجه العطش: عين التنور ينحسر إلى أدنى مستوى في تاريخه

نبع عين التنور في منطقة القصير - سانا

في مشهد غير مسبوق، دقّت محافظة حمص ناقوس الخطر بعد أن انخفض منسوب مياه نبع "عين التنور"، المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المدينة، إلى نحو 32% فقط، ما يهدد حياة أكثر من مليون ونصف المليون نسمة يعيشون على مياهه منذ عقود.

هذا التراجع الحاد دفع المؤسسة العامة لمياه الشرب لإطلاق حملة توعية عاجلة، داعية السكان إلى ترشيد استهلاك المياه والتأقلم مع نظام الضخ المتقطع، بعدما باتت المياه تصل إلى المنازل يوماً وتنقطع يوماً آخر.

نبع الحياة يختنق
مدينة حمص، التي عُرفت تاريخياً بـ"جارة العاصي" و"مدينة الينابيع"، لم تعد مياهها المتدفقة مشهداً مألوفاً. فقد انخفضت كميات الضخ اليومية من 130 ألف متر مكعب صيف العام الماضي إلى 80 ألف متر مكعب فقط هذا الصيف، أي بتراجع بلغ 45%، وفق بيانات مؤسسة المياه.

مدير الموارد المائية في حمص، المهندس محمد عبد الوهاب حسين، وصف الوضع بـ"الأخطر منذ مئة عام"، موضحاً في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن هطول الأمطار هذا العام لم يتجاوز 141 ملم، مقارنةً بالمعدل الطبيعي البالغ 400 ملم، ما انعكس مباشرة على تدفق نهر العاصي الذي سجل أقل من 0-5 م³/ث عند سد الرستن في نهاية حزيران 2025.

جفاف متوقع وحلول مؤجلة
الأزمة الحالية لم تكن مفاجئة للخبراء، فقد حذرت دراسات سابقة من احتمال خروج نبع عين التنور عن الخدمة مع حلول 2025 إذا لم تُتخذ إجراءات بديلة. ورغم وجود مشروع استراتيجي يُعرف بـ"أعالي العاصي"، يهدف إلى استجرار مياه النهر وتنقيتها لتغطية نصف حاجة المدينة، بقي المشروع حبراً على ورق بسبب الإهمال الرسمي.

إلى جانب ذلك، لم تفلح الآبار الاحتياطية في إنقاذ الموقف. فحمص تضم 52 بئراً، لكن غالبيتها خارج الخدمة نتيجة الحرب والإهمال. وفي محاولة إسعافية، أعيد تشغيل 12 بئراً فقط حتى الآن، مع وعود بإعادة تأهيل مزيد من الآبار في أحياء كرم الزيتون وباب السباع وكرم شمشم خلال الأسابيع المقبلة.

نداء للوعي قبل فوات الأوان
الأزمة المائية في حمص ليست مجرد عارض محلي، بل جزء من مشهد أوسع فرضه تغيّر المناخ والجفاف المتكرر في سوريا، والذي بات يحدث مرة كل عشر سنوات بعد أن كان نادراً قبل عقود. ومع كل يوم ينخفض فيه منسوب عين التنور، يزداد القلق من مستقبل أكثر قسوة إذا لم يتغير نمط الاستهلاك ويُعتمد على خطط استراتيجية حقيقية.

ويقع نبع عين التنور على بعد نحو 32 كم جنوب غرب مدينة حمص بمدينة القصير، ويعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمدينة حمص ومناطق الريف الشمالي.

وتغذى النبع من مجموعة ينابيع جوفية يعود تاريخ تكوّنها إلى الحقبة الكريتاسية، ويستخدم محطة ضخ ومعالجة خصصت لضمان سلامة وجودة المياه.

ومع انخفاض منسوبه اليوم، تقف حمص أمام معركة مياه حقيقية، حيث قد تحدد كل قطرة تُوفّر اليوم مصير المدينة غداً، وبالرغم من اليد العاملة لإعادة تشغيل الآبار البديلة، تبقى الإشكالية بحاجة إلى حلول استراتيجية تنقذ حمص من احتمالات شح أسوأ في المستقبل.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(11)    هل أعجبتك المقالة (9)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي