لم تعد النفايات في مدينة منبج شرقي حلب مجرّد فضلات تُرمى في الحاويات، بل تحوّلت إلى مصدر رزق لعائلات بلا معيل، تقتات على ما يجود به ركام الشوارع، وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية وتلاشي مظاهر الدعم الاجتماعي.
جولة ميدانية رصدت مشاهد مؤلمة لأطفال وأرامل يعملون منذ الفجر حتى المغيب في جمع المخلفات القابلة للبيع، مقابل أجور زهيدة لا تسدّ رمقهم.
"أحمد النوري"، فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة، يتنقّل بين الأزقة والحاويات بحثًا عن قطع بلاستيكية وعلب معدنية، يجني في نهاية يوم شاق بالكاد 15 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل أقل من دولار ونصف. مبلغ لا يكفي لشراء أبسط مستلزمات المعيشة، لكنه "أفضل من لا شيء"، كما يقول.
في حي آخر من المدينة، أرملة جمعت بقايا بلاستيك وأدوات تالفة، علّها تبيعها لتؤمّن ثمن الخبز لأطفالها الأربعة، الذين فقدوا والدهم قبل سنوات. "لا أحد يسأل عنا"، تهمس بصوت مبحوح.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على حالات فردية، بل أصبحت مشهدًا يوميًا مألوفًا، إذ ينتشر عشرات الأطفال على الأرصفة وفي مكبّات النفايات، يعملون لساعات طويلة بأجور لا تتجاوز 25 ألف ليرة، وسط تجاهل تام من الجهات المسؤولة.
هؤلاء ليسوا أرقامًا في تقارير إحصائية، بل قصص حقيقية لمعاناة مستمرة، تُحمّل الطفولة والنساء أعباءً تتجاوز طاقتهم، في وقت تغيب فيه الحلول وتُترك المدينة لمصيرها.
عمار حميدي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية