أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين الوطن والمنفى: هل تكون عودة اللاجئين السوريين بداية النهاية للشتات

رصد تقرير لمرصد حقوق الإنسان ACHR التحولات الجارية في ملف العودة، والتحديات التي تواجه العائدين، مسلطاً الضوء على فرص إعادة الاندماج والإعمار.

ووفق التقرير الذي حمل عنوان "عودة اللاجئين من دول الجوار إلى سوريا بعد سقوط النظام: الواقع والتحديات والفرص"، عاد حتى نهاية يونيو/حزيران 2025 أكثر من 320 ألف لاجئ إلى سوريا، معظمهم من لبنان والأردن وتركيا.

وقد تم تنظيم هذه العودة عبر برامج مشتركة بين الأمم المتحدة والحكومات المضيفة، تحت إشراف السلطات السورية الانتقالية.

فمن لبنان: عاد نحو 185 ألف شخص ومن الأردن: قرابة 90 ألف ومن تركيا: ما يزيد عن 40 ألف ومن العراق ومصر: أعداد محدودة نسبياً
وأشار التقرير إلى أن هذه الأرقام لا تزال متواضعة مقارنةً بعدد اللاجئين السوريين في الخارج، الذين يتجاوزون 5-5ملايين شخص.

أسباب العودة
وعدد التقرير الأسباب التي دفعت سوريين إلى العودة ومنها سقوط النظام السابق وغياب الخوف من الاعتقال أو التجنيد الإجباري، وتحسن الوضع الأمني النسبي في بعض المناطق ، والتعب والإرهاق من الغربة وظروف اللجوء القاسية، خاصة في لبنان، والرغبة في استعادة الممتلكات أو إعادة لمّ الشمل مع الأهل والضغوط السياسية والمعيشية في دول الاستضافة ومع ذلك، لا يزال كثيرون مترددين بسبب الظروف المعيشية المتدهورة في الداخل، وغياب ضمانات حقيقية.

بين الأمل والصعوبات
وعرض التقرير شهادات ميدانية من لاجئين عادوا إلى مناطقهم، كاشفاً عن صورة مزدوجة: أمل بالاستقرار يقابله واقع مرير من التحديات.

وبحسب التقرير الذي زوّد بالأرقام والوقائع فإن من أبرز المشاكل التي يواجهها العائدون: انعدام الخدمات الأساسية: مياه، كهرباء، مدارس، ومرافق صحية.

والدمار الواسع في البنية التحتية والمنازل. والمشاكل القانونية في إثبات الملكية أو استخراج الوثائق، والبطالة والفقر وغياب فرص العمل، والتوتر الاجتماعي في بعض المناطق، وقلق من عمليات انتقام فردية أو نزاعات محلية.

استجابة الدولة والمجتمع الدولي
ولفت التقرير إلى أن الحكومة السورية المؤقتة، بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة، أطلقت برامج إيواء مؤقتة في مناطق آمنة مثل درعا، حمص، وبعض أرياف دمشق.

لكن هذه المبادرات ما تزال محدودة التمويل وتعاني من بطء بيروقراطي، وضعف في التخطيط الاستراتيجي.

أما على المستوى الدولي، فالدعم لا يزال مشروطاً بالإصلاح السياسي وضمانات حقوق الإنسان.

منظمات أممية مثل UNHCR وUNDP بدأت بتقديم خدمات إغاثية محدودة، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى يضمن عودة كريمة وآمنة.

عوائق أمام العودة الشاملة
وأكد التقرير أن العودة الكاملة للاجئين السوريين لن تتحقق سريعًا، ما لم تُحلّ جملة من القضايا الجوهرية: ومنها ضمانات قانونية لعدم التعرض للاعتقال أو الانتهاكات، وإعادة الإعمار على نطاق واسع، بما في ذلك البنية التحتية والسكن.

ووجه التقرير العديد من التوصيات إلى الجهات ذات العلاقة باللاجئين: مطالباً الحكومة السورية الانتقالية، وتسريع خطوات إعادة الإعمار في مناطق العودة، وتبسيط الإجراءات القانونية لاستصدار الوثائق، وتوفير ضمانات علنية بعدم الملاحقة للعائدين.

كما حث التقرير الدول المضيفة بـ "احترام مبدأ العودة الطوعية الآمنة، ورفض الترحيل القسري"و"تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة لضمان التنسيق الإنساني".

وطالب المجتمع الدولي بـ "رفع مستوى الدعم المالي والتقني لبرامج العودة"و"ربط المساعدات بإجراءات واقعية لتحسين ظروف العائدين" و"دعم عملية الحوار الوطني والمصالحة في سوريا.

وختم التقرير أن عودة اللاجئين إلى سوريا تمثّل فرصة تاريخية لإعادة بناء المجتمع السوري، لكنها ليست مجرد خطوة لوجستية أو إنسانية، بل جزء من عملية سياسية شاملة ، فالعودة لا تكون كريمة إلا عندما يجد الإنسان: بيتًا يؤويه ودولة تحميه وعملًا يوفّر له الكرامة ومجتمعًا يُشعره بالانتماء لا بالخوف.

وإلى أن تتحقق هذه الشروط، تبقى العودة خيارًا محفوفًا بالمخاطر، رغم التطلعات الكثيرة إلى طيّ صفحة اللجوء والشتات.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(13)    هل أعجبتك المقالة (11)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي