ردت صحيفة "الوطن" السورية على صحيفة الأهرام المصرية حول الهجوم الذي شنته الأخيرة على حديث الرئيس بشار الاسد لصحيفة "الحياة" اللندنية، وقال رئيس تحرير "الوطن" وضاح عبد ربه "كثر ما يمكن أن يزعج حكام مصر أن تواجههم بحقيقة دورهم في المنطقة، أو أن تؤكد لهم أن لا دور عربياً للقاهرة وأن الدول العربية بغنى عن أي تدخل مصري ولا حاجة لها إلى مصر في السراء ولا في الضراء.
فمصر التي كان لها دور تاريخي في نصرة العرب وقضاياهم ها هي اليوم بفضل حكامها لا حول ولا قوة ولا هدف لها سوى خدمة مصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، واستناداً إلى ما جاء في كتاب «أسرار الرؤساء» الذي نشر مؤخراً في باريس فإن مصر كانت سباقة إلى اتهام سورية بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري لا بل سارع زعيمها وأجرى أكثر من اتصال بالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ليؤكد ضرورة اتهام دمشق ومحاسبتها وكان شريكاً في كل المصائب التي حلت بسورية والسوريين خلال السنوات الخمس الماضية.
قد يسأل البعض: لماذا كل هذا الاندفاع المصري والتسرع إلى اتهام سورية بعملية الاغتيال؟ وما علاقة مصر بما يجري بين لبنان وسورية؟
قد يكون الجواب واضحاً لدى ساسة المنطقة ولمن يتابع السياسة المصرية في السنوات الأخيرة، لكن الجواب الرئيسي عن هذا السؤال جاء في الكتاب ذاته حين نقل الكاتب عن مذكرة للخارجية الأميركية قولها إن «الرئيس بشار الأسد يتصرف كأنه ناصر جديد» وهذه العبارة وحدها كفيلة بتوضيح حقيقة العداء المصري لدمشق حيث استشعر حكامها باكراً دور سورية الصاعد والشعبية التي يحظى بها الرئيس الأسد في الشارع العربي من المحيط إلى الخليج، وتراجع الدور المصري وغيابه المطلق عن هموم الشارع العربي لأسباب لن نذكرها هنا، ما دفع حكام مصر لإعلان حالة العداء تجاه سورية ومحاولة اتهامها باغتيال رفيق الحريري والمشاركة في «العزلة الفاشلة بامتياز» على كل السوريين"، وتابع عبدربه "وفي تسلسل الأحداث، اتخذت مصر موقفها المعروف خلال عدوان تموز 2006 وكانت تقف إلى جانب إسرائيل على أساس أن المقاومة اللبنانية غير شرعية ويجب ألا تكون، وكان قادة مصر يروجون بأن المقاومة إلى زوال وأن أياماً معدودة تفصلنا عن نهاية حزب اللـه.. لكن ولسوء حظ مصر ولسوء قراءتها لواقع المنطقة، انتصرت المقاومة وتراجعت إسرائيل ومن يقف خلفها وأحبطت المقاومة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تخطط له إسرائيل وتروج له واشنطن، فزاد العداء المصري لسورية التي ساندت المقاومة ودعمتها ووقف الشعب السوري إلى جانب شقيقه اللبناني في مواجهة العدوان، الأكثر دموية وعنفاً في العقد الأخير. وتطورت الأحداث فكان الهجوم على غزة وعلى رجالها ونسائها وأطفالها وجميعنا لا يزال يذكر الدور المصري في هذا العدوان وكيف تم إغلاق المعابر وإتمام الحصار على الغزاويين الذين كانوا يتصدون بصدورهم لقنابل الفوسفور الإسرائيلية وللأسلحة المحرمة دولياً.
صمدت غزة وأخفق العدوان وبقيت المقاومة الفلسطينية وهنا شعر حكام مصر بضرورة التحرك على الساحة العربية فدخلوا في ملف المصالحة الفلسطينية وتمسكوا به حتى اليوم دون أن يتمكنوا من إنجاز أي تقدم نظراً لوقوفهم إلى جانب فتح وتهميشهم لمطالب المقاومة المتمثلة بحماس.
في المعلومات الأخيرة أن مصر تحضّر لاستضافة مؤتمر للسلام يشبه مؤتمر أنابوليس وغيره من المؤتمرات التي لم تأت بأي جديد، المعلومة لم تتأكد بعد لكن في حال تأكدت فالمؤتمر المشار إليه لن يكون إلا محاولة مصرية لإثبات وجودها على الساحة العربية وفي ملف السلام تحديدا"، وذكر رئيس التحرير بالجهود الفرنسية والروسية لعقد مؤتمر سلام والتي فشلت بسبب تعنت اسرائيل وتابع "وما لا يعرفه حكام مصر أن مثل هذه المؤتمرات سبق أن حاولت باريس استضافتها وأخفقت وكذلك موسكو فتراجعت، ليس لأن أحداً لا يريد السلام بل لأن هناك جهة واحدة رافضة للسلام وهي إسرائيل التي تعرقل وتعطل كل الجهود الدولية مع الفلسطينيين وغير الفلسطينيين ولا تعترف بمرجعيات السلام التي يريد حكام مصر التذكير بها في مؤتمر لن تكون الغاية منه سوى مد يد العون لإسرائيل وتقديمها على أنها «حمامة سلام» المنطقة ووضع المزيد من الضغوط على العرب لقبول ما لم يعد ممكناً قبوله وإفشال القرار الفلسطيني والعربي بالتوجه إلى مجلس الأمن وإعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد..
هذا هو باختصار الدور المصري اليوم... بكل تأكيد نأسف لموقف مصر ولما آل إليه دور حكامها في الصراع العربي الإسرائيلي، لذلك وجواباً عن سؤال ماذا تريد مصر منا؟ ببساطة إنها تريد من كل السوريين أن يستسلموا، ومن المقاومة أن تنتهي ومن إسرائيل أن تفرض شروطها على السلام وعلى المنطقة طبعاً دون إعلان الدولة الفلسطينية ولا تحديد حدودها وعاصمتها.. وأفضل رد ممكن على حكام مصر وكتابها المتحمسين في الأيام القليلة الماضية في إعطاء دروس في السياسة الخارجية للدول هو: اتركونا وشأننا ونحن بألف خير... فناصر بات سورياً ويهوى كما كان ناصر المصري المقاومة التي تعيد الأرض والحقوق والكرامة، ولا يهوى الاستسلام، وفي جميع الحالات سيبقى الباب مفتوحاً أمام حكام مصر للعودة إلى صفوف العرب المقاومين وتصحيح الأخطاء وإن فعلوا فلن يكون ذلك إلا استجابة إلى مطلب الشارع المصري المقاوم الرافض لكل أشكال التطبيع والاستسلام، أما بالنسبة لنا كسوريين فنذكر بأن قلب دمشق كبير جداً ويسامح من أجل مصلحة العرب العليا وتضامنهم"..هجوم الأهرام
وكانت صحيفة صحيفة "الأهرام" المصرية المملوكة للدولة قد شنت هجوماً حاداً على الرئيس بشار الأسد على خلفية حديثه إلى "الحياة" الذي قال فيه إن عودة العلاقات مع مصر تحتاج إلى مبادرات منها، وإنه لا يريد شيئاً من القاهرة.
وكتب رئيس تحرير "الأهرام" أسامة سرايا القريب من دوائر صنع القرار في القاهرة افتتاحية اعتبر فيها أن «الرئيس بشار الأسد، مثل كل التصريحات السورية، يريد أن يجمع بين متناقضين لا آتفاق بينهما ولن يكون: إيران بسياساتها الراهنة في المنطقة، والمصالح العربية كما يفهمها أبسط السياسيين».
ورأى أن "المصالح العربية العليا تتعرض للخطر من إيران وسورية". وأضاف: "نقبل الاختلاف في الآراء مهما تكن، ولكن حينما تتحول إلى سلوكيات وتحركات وبرامج تعمل سورية مع إيران على تنفيذها على حساب مصالح الشعوب وأمن الدول العربية، فهذا واقع جديد يتطلب تحركات مختلفة لا تتعامل بمثل التسامح في اختلاف الآراء".
"الوطن" تشن هجوماً مضاداً على الأهرام.. "لاحول لمصر ولا قوة"

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية