شهد لبنان تصعيدا ملحوظا في حملة أمنية ضد اللاجئين السوريين خلال الفترة من 17 إلى 24 يوليو، شمل إطلاق نار واعتقالات وتهجير قسري، في ظل ضغوط متزايدة وتوترات أمنية متصاعدة في مناطق مشابهة لبقاع الشمال والنبطية والبترون.
ووثّق مركز الوصول لحقوق الإنسان ACHR تعرض مجموعة من اللاجئين السوريين لإطلاق نار من سيارة مجهولة في بلدة بتلون – العلي، ما أدى إلى إصابة لاجئ بجروح خطيرة نقل على إثرها للمستشفى. وأسفر الحادث عن نزوح جماعي لعائلات سورية وغادروا البلدة وسط مناخ من التوتر الأمني والانتشار العسكري المكثف.
وشنت القوات اللبنانية حملة اعتقالات في بلدة المنصورية – مديرية متن، حيث تم اعتقال 169 لاجئًا سورياً في مبنى غير مكتمل وترحيلهم إلى سوريا دون مراعاة للإجراءات القانونية أو أوضاعهم الإنسانية.
اعتقال 64 لاجئًا سوريًا
وبحسب المركز نفذت وحدات من الجيش اللبناني والمخابرات العسكرية غارة في بلدة ضهر الأحمر – راشيا، اعتُقل خلالها 64 لاجئًا سوريًا، معظمهم مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين—منهم رجال ونساء وأطفال. كما تم مصادرة ثلاث دراجات نارية وتحويل المعتقلين للتحقيق.
وأعلن الجيش اللبناني أنه اعتقل خلال مداهمات ونقاط تفتيش منتشرة في مناطق متعددة 229 لاجئًا سوريًا بتهمة الدخول غير القانوني، وجارٍ التحقيق معهم تحت إشراف القضاء.
وتعرض اللاجئ السوري بشار أ. م. (مسجل لدى المفوضية) لـاعتداء جسدي شديد بين الضرب والتعذيب خلال مداهمة أمنية في شكا – قضاء البترون. وحتى لحظة إعداد التقرير، لم تصدر السلطات أي تعليق رسمي حول الاعتقال أو سوء المعاملة.
كما اندلع صدام بين شبان لبنانيين ولاجئين سوريين في كفار ريمان – النبطية إثر اعتداء زُعم من قبل لاجئ على أحد المنازل. وتدخلت قوات الأمن وألقت القبض على عدد من اللاجئين، دون صدور تصريحات رسمية أو تأكيدات مستقلة حتى الآن.
ونفّذت قوة مشتركة من الجيش والمخابرات العسكرية مداهمات اعتُقل فيها أكثر من 80 لاجئًا سوريًا—including قصر وكبار السن—في بلدات شكا، الهيري، أنفة، عميون في قضاء الكورة، بذرائع عدم وجود إقامة قانونية، رغم تسجيل البعض منهم لدى المفوضية.
وفي 18 يوليو الجاري داهمت القوات اللبنانية مخيم اللاجئين السوريين في بلدة الحلانية – مديرية بعلبك، واعتقلت عدّة أشخاص بتهمة الدخول غير القانوني أو عدم وجود إقامة، ضمن مرحلة من العمليات الأمنية الواسعة في البقاع والمناطق الشمالية.
سياق وتقييم شامل
تأتي هذه التطورات في ظل حملة أمنية متصاعدة ضد اللاجئين السوريين، تشمل اعتقالات جماعية وترحيل قسري وحالات تعذيب، وسط شبه غياب للشفافية والمساءلة الرسمية.
ودعت منظمات حقوقية منها Women Journalists Without Chains وSyrian Emergency Task Force إلى وقفة عاجلة لإدانة هذه الانتهاكات واتخاذ إجراءات لمنع العودة القسرية بشكل يخالف القانون الدولي—من بينها مبدأ الحظر على الإعادة إلى بلدان معرضة للخطر (non‑refoulement).
وكان لبنان استأنف منذ أبريل الماضي آليات "العودة الطوعية" المنسقة مع مفوضية اللاجئين ودولة سوريا، لكن التقارير تُظهر تزايدًا مستمرًا في عمليات الترحيل التعسفي والاعتقال التعسفي التي تفتقر للمراقبة أو الضمانات القانونية.
وتكشف الظروف الحالية للاجئين السوريين في لبنان عن تصاعد خطر الانتهاكات سواء من الإجراءات الأمنية أو الخطاب السياسي التحريضي. وبات توثيق هذه الحوادث والتصدي لها من قِبَل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ضرورة، لا سيما لضمان حماية اللاجئين من الاعتقال التعسفي، والعنف، والعودة القسرية إلى بيئة قد تكون قاتلة لهم.
و"مركز وصول لحقوق الإنسان" ACHR هو "جمعية حقوقية غير ربحية وغير حكومية تأسس في لبنان عام 2017 وأعيد تأسيسه في فرنسا عام 2020، ويضم مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان وذوي الخبرة في المجال القانوني والمناصرة المحلية والدولية".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية