أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العدالة الشاملة: السبيل الوحيد لسوريا الجديدة

أرشيف

تمر سوريا اليوم بمرحلة دقيقة تتطلب حلولًا جذرية وشاملة لتجاوز التحديات العميقة التي تعصف بها. إن تحقيق الاستقرار والسلام المنشودين يستدعي بالدرجة الأولى ترسيخ مبادئ العدالة وسيادة القانون على الجميع، دون استثناء أو تمييز.

إن من أبرز التحديات التي تواجه بناء الدولة السورية الجديدة هو تغلغل بعض المنتسبين إلى قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع في أنشطة تتجاوز صلاحياتهم، بالإضافة إلى مشاركة أطراف غير نظامية أو فصائل خارجة عن سيطرة الدولة في عمليات إنفاذ القانون، خاصة في المناطق ذات التعددية المجتمعية. هذا الواقع المزري أدى إلى شرخ عميق في النسيج الاجتماعي، وشعور بالغبن لدى مكونات أساسية من الشعب السوري. 

لا يمكن أن تستقيم الأمور وتُبنى الثقة إلا بإنهاء هذا التجاوز بشكل حاسم ومنع أي جهة غير نظامية من العمل خارج إطار الدولة. إن جبر الكسر الحاصل بين مكونات الشعب السوري وجهات إنفاذ القانون هو نقطة البداية الحقيقية لأي حل مستدام، وإلا فإن المشكلة ستزداد تعقيدًا وتتفاقم تداعياتها.

الخطوة الأهم نحو تحقيق العدالة هي وضع جميع مرتكبي الانتهاكات، سواء في عهد النظام السابق أو في سوريا الجديدة، تحت ميزان عدالة واحد لا يتجزأ. 

لا يمكن بناء دولة قائمة على أسس العدل والمساواة إذا استمرت ثقافة الإفلات من العقاب. من الضروري أن نرى محاكمات علنية وشفافة لمرتكبي الجرائم في مناطق مثل السويداء والساحل، ومحاسبة كل من تورط في سفك الدماء أو انتهاك الحقوق، بمن فيهم من يدعون الانتماء للأجهزة الأمنية أو يتسترون خلفها. إن هذا البلد الكبير والعظيم بحاجة إلى كل أبنائه، ولا يمكن لأي بناء أن يكتمل في ظل الظلم والتفرقة.

لقد كان اعتراف الدولة السابقة بهذه الانتهاكات وتأكيدها على محاسبة منفذيها خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تبقى غير كافية بحد ذاتها. فنتائج هذا الاعتراف لن تتحقق إلا من خلال محاكمات فعلية وأحكام قضائية رادعة تتناسب مع حجم الجرم. وهذا يشمل بالضرورة المجرمين الذين استهدفوا رجال الأمن من الفلول والميليشيات الخارجة عن القانون.

إن سوريا التي نحلم بها، سوريا المزدهرة والمستقرة، لن تقوم إلا على ركيزة العدالة الناجزة والعمياء عن الدين والعرق. عدالة لا تفرق بين سوري وآخر، وتضمن الحقوق للجميع، وتُعاقب المخطئ مهما كان انتماؤه أو منصبه. هذه هي الركيزة الأساسية التي ستمكن سوريا من تجاوز محنتها والانطلاق نحو مستقبل أفضل يليق بشعبها العظيم.

الرحمة لشهداء الساحل
الرحمة لشهداء السويداء
الرحمة لشهداء الجيش والأمن
الرحمة لمليون شهيد قتلهم نظام الأسد دون صوت

رئيس التحرير - زمان الوصل
(15)    هل أعجبتك المقالة (14)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي