
ليست هذه حكاية عابرة من دفتر المأساة السورية، بل جرح مفتوح في خاصرة البادية، عنوانه: "التغريبة البدوية".
في الأيام الأخيرة، تعرضت القبائل والعشائر البدوية في مدينة السويداء لانتهاكات ممنهجة، نفذتها ميليشيات الهجري وشركاؤه من شبكات النفوذ المسلح، تحت غطاء سياسي، طائفي، أو حتى محلي.
خُطِفَ الشيوخ، وقُتل الشباب، وهُجّرت العائلات من أرضها التي لا تعرف سواها. أصبحت خيام الحرية رمادًا، وخُنقت أصوات النخوة تحت تهديد السلاح. دُفعت مئات العائلات البدوية قسرًا إلى الهجرة نحو مناطق لا تعرف عنها شيئًا، لا لذنب ارتكبته، بل لأنها رفضت الخضوع للابتزاز، أو الاصطفاف خلف أجندات الميليشيات.
مارست ميليشيات الهجري جرائم لا تقل وحشية عن أي قوة احتلال. وما يحدث اليوم ليس نزاعًا محليًا، بل جريمة موثقة مكتملة الأركان تُرتكب ضد فئة أصيلة من المجتمع السوري. فئة لطالما كانت جزءًا من نسيج هذا الوطن، حافظت على ترابه، وساهمت في أمنه… فكيف تُترك تُذبح بصمت؟
يكشف الصمت الدولي، وصمت الإعلام، وصمت المنظمات أمام ما تعرض له أهلنا البدو من قتل وخطف وتهجير، حجم التواطؤ. لكن من ظن أن البدو بلا صوت… لم يسمع زئير الصحراء بعد.
وما كانت انتفاضة العشائر السورية ضد الهجري وميليشياته إلا البداية.
"التغريبة البدوية" لن تُنسى… فالذاكرة لا تموت، والحق لا يُدفن في الرمل. ستنهض البادية برجالها ونسائها من تحت الرماد، وسيعلو صوت النخوة من جديد، ويعود البدو كما كانوا… أعمدةً للوطن، وسيوفًا في وجه الظلم.
عمار الحميدي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية