من جديد، تعمل الماكينات الإعلامية على توجيه الرأي العام نحو فتنة داخلية، عبر شيطنة مدينة بأكملها، والطعن في طائفة عريقة كان لها دورها الوطني والتاريخي. فجأة، أصبح أهالي السويداء متهمين بالخيانة، فقط لأن شخصًا منهم – الهجري – ارتكب أفعالًا لا يمكن تبريرها.
نعم، لا يمكن لأحد إنكار أن ما قام به الهجري يُعد خيانة عظمى، بدءًا من تنسيقه غير المُعلن مع إسرائيل، مرورًا بتشكيل فصيل مسلح خارج عن القانون يحارب الدولة السورية، إلى انتهاكه لحقوق الإنسان وقتله أبناء العشائر البدوية، وجعل إسرائيل تقصف دمشق.
لكن، هل يُعقل أن يُحاسب شعب بأكمله على جرائم فرد وعصابته؟
من يهاجم أهالي السويداء ويحمّل الطائفة الدرزية كامل المسؤولية، إنما وقع ضحية للإعلام الموجّه، الذي يُغذي الكراهية، ويزرع بذور الفتنة، تمهيدًا لتدخلات أجنبية باتت قريبة المنال. والحكومة السورية، بكل تأكيد، تُدرك هذه اللعبة، ويكفي النظر إلى ردود أفعالها المتزنة لفهم الموقف.
صمتُ البعض في السويداء لا يعني بالضرورة التواطؤ، فهل ننسى كيف صمت كثيرون في ظل جرائم نظام بشار الأسد؟ الصمت لا يعني القبول، والخوف في بعض الأحيان يُخرس حتى الحق.
واليوم، خرجت هدى المحيثاوي، السورية قبل أن تكون درزية، لتُدين جرائم الهجري بحق البدو، رغم إدراكها لحجم التهديد الذي قد تواجهه بسبب موقفها هذا.
وقبلها، قال ليث البلعوس كلمته بوضوح: "نحن سوريون، مع وحدة الدولة"، وأفعاله تشهد على مواقفه الوطنية الشجاعة.
وفي جبل السماق، تبرأ الدروز من ممارسات الهجري، وأدانوا انتهاكاته بكل صراحة ووضوح.
فبأي منطق يتم وصم مدينة كاملة بالخيانة؟ وأي شرع أو دين أو عرف يقبل بإدانة جماعية لطائفة بأكملها؟
الإسلام السمح، والأعراف العربية الأصيلة، والعدالة الحقيقية، جميعها تُجرّم التعميم وتُحرّم الفتنة.
إن كنّا نبحث عن وطن، فلا بد أن نُميّز بين الفاعل والصامت، وبين الخائن والوطني، لا أن نُعيد إنتاج الكراهية باسم رد الفعل.
عمار الحميدي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية