أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أحمد الهجري.. شيخ العقل الذي "كاد يسقط ورقة الأقليات" من يد النظام

شقيق حكمت الأكبر الذي اختار الوطن لا الأسد

أعادت "الهيئة السورية للرقابة الشعبية" – وهي مجموعة شبابية مدنية نشطة في السويداء – فتح ملف الشيخ أحمد سلمان الهجري، أول شيخ عقل للطائفة الدرزية بعد والده، والذي مثّل في بدايات الثورة السورية شخصية غير موالية للنظام. 

تسلّم الشيخ أحمد منصبه قبل عام 2011، وفي الأيام الأولى للحراك الشعبي، دعا إلى التهدئة، وناشد الأهالي الحفاظ على "السلم الأهلي" والالتفاف حول الوطن. لكن المشهد تغيّر سريعًا، خاصة بعد محاولة اغتيال الثائر خلدون زين الدين على يد المدعو (مالك أبو خ..)، وهو ما عُرف لاحقًا بأنه محاولة أمنية فاشلة لإخماد الصوت المعارض. 

فور فشل العملية، لجأت أجهزة الأمن إلى اعتقال والدي خلدون، في محاولة للضغط عليه ودفعه للتراجع. عندها، تدخّل الشيخ أحمد شخصيًا، وأجرى اتصالات مباشرة مع شخصيات في النظام، تُشير بعض المصادر إلى أن أحدها كان مع بشار الأسد نفسه، بينما رجّحت مصادر أخرى أنه تواصل مع قادة في الأمن العسكري، مهددًا بانضمام السويداء إلى الثورة إذا لم يتم الإفراج الفوري عن المعتقلين. 

استجابت السلطة. خرج المعتقلان، لكن النظام أدرك أنه يواجه خطرًا داخليًا حقيقيًا؛ شيخ عقل يرفض أن يكون واجهة طائفية في خدمة السلطة، ويكاد يُسقط أهم أوراقها: ورقة حماية الأقليات. 

وبعد أقل من أسبوع على هذا التوتر، وفي 24 آذار/مارس 2012، أُعلن عن وفاة الشيخ أحمد إثر "حادث سير" قرب السويداء. الإعلان الرسمي جاء سريعًا، لكن شهود عيان من داخل المشفى أكدوا أن الشيخ كان يتحرك في الممرات دون مساعدة، ما يناقض رواية الوفاة الناتجة عن إصابة قاتلة. 

تقرير مصوّر بثته حينها قناة "الدنيا" الموالية، وثّق لحظة دخول سيارة الشيخ إلى المستشفى، ويظهر فيه جالسًا بجانب السائق. إلا أن التقرير حُذف لاحقًا عن منصات البث، من دون توضيح. وحتى اليوم، لا تزال وفاته مثار شك، وترتبط في أذهان كثيرين بقرار سياسي أكثر من ارتباطها بحادث عرضي. 

في ذلك الوقت، كان شقيقه حكمت الهجري يعيش كمدني في فنزويلا. تم استدعاؤه ليخلف شقيقه، لكنه لم يواصل المسار ذاته. بل سرعان ما تقرّب من النظام، وأسس فصيلاً مسلحًا شارك في قمع الثورة، تحت عنوان "حماية الجبل". 

ومع تصاعد الاحتجاجات مجددًا في السويداء، حاول حكمت تقديم نفسه كداعم للحراك، لكنه لم يتجاوز حدود احتوائه وضبطه. اكتفى بتصريحات مبهمة تدعو لـ"وحدة سوريا" تارة، و"اللامركزية" تارة أخرى، بما ينسجم مع خطاب "قسد"، فيما تجاهل كليًا تصريحات نتنياهو التي أشار فيها إلى خصوصية السويداء وأمنها الحدودي. 

اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد، تُعيد الهيئة السورية للرقابة الشعبية التذكير بقصة الشيخ أحمد، وضرورة الكشف عن حقيقة وفاته. كما تُطالب بفتح الأرشيف المتعلق بالحوادث الأمنية في السويداء، بما فيها تورط قيادات محلية بتصفية الأصوات الحرة، تحت غطاء "الحوادث العرضية".
فهل كان الشيخ أحمد ضحية حادث، أم ضحية قرار سياسي؟ 

وهل يمكن لعدالة ما بعد الأسد أن تُعيد لهذا الملف اسمه الحقيقي: "جريمة اغتيال"؟

زمان الوصل
(15)    هل أعجبتك المقالة (13)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي