في صباح يوم حزين، وتحديدًا في 26 تشرين الأول/أكتوبر من عام 2016، ارتكبت طائرات النظام البائد مجزرة مروعة استهدفت مدارس بلدة حاس بريف إدلب، تلك الفاجعة التي عُرفت حينها بـ"مجزرة الأقلام".
أربع طائرات حربية قصفت المدارس بشكل متتابع خلال الدوام الرسمي، مخلفة عشرات الشهداء، أغلبهم من الأطفال والمعلمين.
كانت شقيقتي، الآنسة جورية نعسان، المدرسة والأم، من بين هؤلاء الشهداء، ومعها زوجها عارف نعسان، الوالد والمربي الفاضل. استشهدا معًا أثناء محاولتهما الفرار من المدارس بعد القصف الأول، وكانا يحتضنان طفليهما الصغيرين، شاكر وحلا. في تلك اللحظة المرعبة، لم يفكر الأبوان إلا بسلامة طفليهما، فأحاطا بهما بأجسادهما ليحمياهما من الشظايا والنار.
استشهد الزوجان وهما يحتضنان صغيريهما، فيما نجا الطفلان بأعجوبة من الموت، رغم إصابتهما بجروح. كانت تلك اللحظة تجسيدًا حقيقيًا لأسمى معاني التضحية والوفاء. جمعهما الحب في الحياة، وفي الممات دُفنا جنبًا إلى جنب، ليكتملا شهيدين كما عاشا رفيقين.
لم تكن جورية مجرد أخت، بل كانت مثالًا للمرأة المربية، الطيبة، الصبورة، والحنونة. ولم يكن عارف إلا رجلًا خلوقًا، محبوبًا من الجميع، ووالدًا مثاليًا. هذه العائلة الصغيرة التي مزقتها طائرات الحقد، يجب أن تبقى قصتها حاضرة ولا تُنسى.
أكتب إليكم اليوم لأن الكلمة أمانة، ولأن دماء الشهداء لا يجب أن تغيب في زحمة الأخبار. أكتب لأجل حلا وشاكر، ليعرفا حين يكبران أن والديهما لم يموتا عبثًا، بل رحلا شهيدين، واقفين بكرامة في وجه آلة القتل والظلم.
زمان الوصل – شهادة من شقيق الشهيدة جورية نعسان
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية