أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كابوس أطفال سوريا: شهادة صادمة تكشف اختفاء المئات وتورط "SOS" و"أسماء الأسد"

رانيا العباسي وعائلتها

في شهادة مؤثرة تكشف عن شبكة غامضة محتملة لإخفاء وتغيير هويات أطفال المعتقلين في سوريا، تروي سوسن تللو العباسي، إحدى الناجيات من الاعتقال وناشطة سابقة في الثورة السورية، تفاصيل محاولاتها للكشف عن مصير ابنة عمها الطبيبة رانيا العباسي وأطفالها الستة، المعتقلين قسرًا منذ سنوات. القصة التي ترويها سوسن تلقي الضوء على ما يبدو أنه استغلال مأساوي للأطفال المتضررين من الصراع، وتوجّه اتهامات خطيرة لجمعيات ومسؤولين، وتطالب بتحقيق فوري. 

بداية الخيط: البحث عن رانيا وأطفالها
بدأت القصة في فبراير 2025، بعد أن نشر حسان، شقيق الطبيبة رانيا، على فيسبوك بحثًا عن أخته وأولادها. تقول سوسن إنها تحركت بدورها على فيسبوك للبحث عن ابنة عمها وأطفالها المختفين قسرًا. تفاعل المتابعون مع منشوراتها وتعليقاتها مع حسان، حتى تواصل معها شخص يُدعى طارق عبر الماسنجر. طارق، الذي يمتلك مكتبًا عقاريًا باسم "الفارس" خلف وزارة النفط بالعدوي، أخبرها بوجود بيوت تؤوي فتيات، محتمل أن تكون من بينهن بنات رانيا. 

اكتشاف البيوت المشبوهة ودور "SOS"
تطورت الأمور سريعًا، حيث التقت سوسن بطارق الذي ادعى أن هذه البيوت تعود له ويرغب في إخلائها لبيعها. اصطحبها طارق إلى أحد هذه البيوت بحجة أنها زبونة ترغب في الشراء. داخل المنزل، رأت سوسن أربع فتيات تتراوح أعمارهن بين 17 و19 عامًا برفقة مربية، وصفتها سوسن بأنها "مثل السجانة"، بالإضافة إلى شخص علوي ادعى أنه مدرس. 

أثناء تصوير سوسن للمنزل بحجة الرغبة في شرائه، صورت الفتيات، وشكت في أن إحداهن تشبه نجاح، ابنة رانيا. عندما لاحظت المربية التصوير، ثارت غضبًا وحاولت خطف هاتف سوسن ومسح الفيديوهات، مؤكدة أن الفتيات في عهدتها من منظمة "SOS". هذا السلوك المريب زاد من قناعة سوسن بأن بنات رانيا قد يكن في أحد هذه البيوت. 

شهادات صادمة وتواطؤ محتمل
بعد هذه الحادثة، توجهت سوسن إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والتقت بالوزير السابق فادي قاسم، ومدير مكتبه (أبو البراء)، مطالبة بفتح تحقيق في قضية رانيا. 

لبطء الإجراءات، عادت سوسن في اليوم التالي إلى مكتب طارق، وطلبت منه مقابلة الشخص الذي كان ينقل الفتيات إلى بيوت الإيجار. هذا الشخص، واسمه إلياس، ويعمل في قسم المحاسبة بجمعية "SOS" في المزة، جاء وروى لسوسن تفاصيل صادمة. 

أفاد إلياس بأنه نقل حوالي 400 فتاة مع ملفاتهن في حافلات قبل أربع سنوات، بأمر من الداخلية، مؤكدًا أن هؤلاء الأطفال هم أبناء معتقلين. ادعى أنه لا يعرف أسماء الفتيات لأن "SOS" تغير أسماء الأطفال عند دخولهم المياتم، وأن مهمته تقتصر على نقل الفتيات إلى البيوت وتأمين الأثاث والخدمات والطعام لهن، وأن منظمة "SOS" في أمريكا تنفق عليهن. وذكر أن المنظمة تؤجر الشقة الواحدة المفروشة الجاهزة بسبعة ملايين ليرة سورية شهريًا، وتوزع في كل شقة أربع فتيات، مع توفير كل مستلزمات الرفاهية. 

الجانب الأكثر إثارة للقلق في شهادة إلياس هو ما قاله عن مصير الفتيات بعد بلوغهن سن 18 عامًا، حيث يتم "تسفيرهن". عندما سألته سوسن إلى أين، ارتبك إلياس وقال "لأوروبا للم شمل". تساءلت سوسن: كيف لأيتام أن يتم لم شملهم ومع من؟ وأعربت عن اعتقادها بأن يتم تسفيرهن إلى روسيا لأغراض غير معلومة أو إلى إيران، مشيرة إلى الغموض في إجاباته. 

إحباط التحقيقات وتدخل الجواسيس
عادت سوسن إلى وزارة الشؤون الاجتماعية مرة أخرى وأبلغت المسؤول (أبو البراء) بما لديها من معلومات، مقدمة له أرقام طارق وإلياس. إلا أن التحقيق تعثر بسبب وجود "جاسوسة" من جماعة أسماء الأسد، وتدعى (ف.ع)، والتي حذر منها حسان، شقيق رانيا، ونائلة، أخت رانيا، مشيرتين إلى أنها موظفة في المياتم. 

رأت سوسن (ف.ع) تتنقل في الوزارة وفي مكتب مدير مكتب الوزير الذي فتح التحقيق، وكانت حاضرة في التحقيق نفسه. 

رغم تحذير سوسن للمسؤولين منها، لم يؤخذ كلامها على محمل الجد، وضاعت الأدلة، وتم إخفاء الملفات، مما أدى إلى فشل التحقيق. بعد ذلك، سافرت سوسن إلى جدة بعد تعرضها لتهديدات عبر الماسنجر من الفتيات والمربية في الشقة المشبوهة. 

حاولت سوسن أيضًا التواصل مع مركز "لحن الحياة" ومسؤولين آخرين، لكن لم يؤخذ الموضوع بجدية. عند عودتها إلى دمشق، لم تتحرك الشؤون الاجتماعية للتحقيق مع طارق وإلياس، رغم تقديمها لهم المحادثات التي تثبت تورطهم. اختفت الملفات عندما ذهب الشباب للبحث عن ملف الطبيبة رانيا وأولادها في الفروع، وعلمت سوسن أن (ف.ع) كانت قد وصلت إلى الملفات قبلهم وأخفتها. 

شبكة بيوت "SOS" المشبوهة
أكد طارق لسوسن وجود عدة بيوت في مناطق مختلفة من دمشق مثل الزاهرة، العدوي، ركن الدين، وباب توما، موزعة فيها 400 فتاة. وقال إن "SOS" تدفع إيجارات هذه البيوت ولديه عقود إيجار مع المنظمة. كما أكد إلياس نقله لحوالي 400 فتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عامًا من الديماس. 

شهادات أخرى وأدلة مفقودة
في حفل تكريم الناجيات المعتقلات، التقت سوسن بإحدى الناجيات وتدعى رقية، التي كانت معتقلة مع أربعة من أطفالها. قصتها تشبه قصة رانيا، حيث ذكرت رقية أنها كانت معتقلة في نفس الفرع الجوية في الزنزانات الانفرادية المخصصة للمعتقلات السياسيات، وأن رانيا كانت في الزنزانة رقم (1). أكدت رقية أن الأولاد كانوا ينقلون إلى "SOS"، وأن شاهدة اسمها فاطمة التقت برانيا في السجن وشاهدتها ترفض الطعام قبل أن يتم نقلها إلى سجن صيدنايا في عام 2014. 

كما روى ابن رقية لسوسن كيف كانت المديرة تضربهم، وأن بعض الأطفال هربوا من الميتم ولقوا حتفهم دهسًا. 

هذا الطفل يعتبر شاهدًا حيًا على جرائم المياتم. تؤكد سوسن وجود أدلة وشهود، لكن لم يستمع إليهم أحد، وأن مئات الأطفال اختفوا دون معرفة مصيرهم. 

نداء أخير للمسؤولين
تطالب سوسن تللو العباسي بفتح تحقيق جدي وعاجل في هذه القضية، وتدعو الوزيرة هند قبوات، وزيرة الشؤون الاجتماعية، للتدخل. وتوجه نداءً مباشرًا لفتيات وشباب المياتم التابعين لـ "SOS" للتواصل معها، لكشف الحقيقة والتعرف على عائلاتهم الحقيقية، مؤكدة أنهم أبناء معتقلين، وأن إدارة "SOS" في سوريا، التي كانت تديرها أسماء الأسد، أخفت حقيقة نسبهم وغيرت أسماءهم وعائلاتهم. 

كما تشير إلى أن المنظمة الدولية "SOS" في النمسا تدعم هؤلاء الأطفال ماليًا، وأن النظام السوري السابق هو من سرق طفولتهم، وأن موظفي المياتم في سوريا هم "سجانون" يتقاضون رواتب عالية من المنظمة الدولية التي قد لا تعلم حقيقة ما يجري.

زمان الوصل
(21)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي