تتداول الأحاديث في الأوساط المختلفة عن الأخطاء والتجاوزات التي قد تصدر عن بعض أفراد أجهزة ومؤسسات السلطة في الوقت الراهن. ورغم أن هذه المجاوزات قد لا تختفي سريعًا، إلا أن كثيرين يرون أنها لن تستمر طويلًا.
السبب الجوهري وراء هذا التفاؤل يكمن في طبيعة هذه الأخطاء نفسها؛ فهي لا تحمل في طياتها خبثًا سلطويًا مقصودًا، ولا تنبع من نزعة انتقامية أو انتهازية. بل هي في جوهرها ممارسات طائشة، تعكس غالبًا سوء تقدير، وغيابًا للمنهجية الواضحة، وضعفًا في الرؤية، وكل ذلك بفعل نقص التجربة والخبرة.
من الظلم والإجحاف بمكان أن نقارن أو نقيس بين سلطة اليوم، على الرغم من أخطائها وعثراتها، وبين سلطة الخوف التي عشناها في الزمن البائد. الفارق شاسع، والمنهج مختلف جذريًا. فبينما كانت السلطة السابقة ترتكز على ترويع المواطن وقمع الحريات، نجد أن السلطة الحالية تسعى جاهدة إلى استرضاء المواطن، وتحاول بشتى السبل تطييب الخواطر، مستخدمة في ذلك كل ما تملكه من إمكانيات.
هذه المساعي الإيجابية لم تمر دون رد فعل من قبل المواطنين. فمنهم من قابل هذه المساعي برد التحية بالمثل، ومنهم من فاق التوقعات وقابلها بما هو أحسن، معبرًا عن تفهمه وتقديره.
ولكن، وكما هو الحال في أي مجتمع، كان هناك أيضًا من أساء الأدب، ولم يقدر هذه الجهود المبذولة، ربما لغياب الوعي أو لأسباب أخرى.
إن التمييز بين الأخطاء الناجمة عن سوء التقدير وتلك التي تنبع من نية خبيثة أمر بالغ الأهمية عند تقييم أداء أي سلطة. فإذا كانت الأخطاء قابلة للتصحيح والتعلم منها، فإن ذلك يبشر بمستقبل أفضل. أما إذا كانت الأخطاء متجذرة في نية الإضرار أو الاستغلال، فإن ذلك يتطلب وقفة حاسمة.
السلطة الحالية، ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، يبدو أنها تدرك أهمية العلاقة الإيجابية مع المواطن، وتسعى لبناء جسور من الثقة. هذه المحاولات، وإن شابها بعض الأخطاء التنفيذية، تستحق التقدير والمتابعة، على أمل أن تسهم التجربة والخبرة في المستقبل في تقليل هذه الأخطاء، وبناء علاقة أكثر متانة وشفافية بين السلطة والمواطن.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية