ألقت قوات الأمن الداخلي في منطقة قدسيا القبض على المدعو "كامل منقاش"، أحد عناصر الحرس الجمهوري السابق في منطقة جديدة وادي بردى، وذلك بتهمة تورّطه في اغتيال الشاب "راكان الغندور" عام 2014.
وقد اعترف منقاش خلال التحقيقات بمسؤوليته المباشرة عن الجريمة، حيث أقدم على خنق الضحية بعد استدراجه إلى أحد المكاتب بناءً على أوامر من أحد ضباط الحرس الجمهوري في ذلك الوقت.
كما أدلى القاتل بمعلومات حاسمة عن مكان دفن جثمان الشهيد، الذي تم لفّه ببطانية ودفنه في منطقة جبلية نائية خارج المدينة.
وتُعد هذه العملية خطوة مهمة ضمن الجهود المستمرة لقوى الأمن الداخلي في ملاحقة مرتكبي الجرائم التي نُفذت خلال فترات التوتر الأمني، وتهدف إلى إعادة الاعتبار والعدالة للضحايا وعائلاتهم التي لا تزال تعاني من تبعات تلك الأحداث.
بحث دون جدوى
وكشف شقيق الشهيد راكان أن عائلته ظلت لسنوات تبحث عنه معتقدة أنه لا يزال حيًا، حيث دفعوا مبالغ طائلة لما يُعرف بـ "سماسرة المعتقلين"، وباعوا ممتلكاتهم، بما في ذلك سيارات وأراضٍ، بناءً على معلومات كاذبة تشير إلى أنه محتجز في سجن عدرا، ليتبيّن في النهاية أنه كان قد قُتل منذ البداية.
وفي شهادته التي أدلى بها محاطًا بعنصرين من الأمن، روى القاتل تفاصيل الجريمة، قائلاً إنهم قاموا يوم 14 آب 2014 باستدعاء راكان إلى المكتب، وحاولوا تقييده لكنه قاوم، مما دفعهم لاستخدام سلك غسيل لخنقه. ثم لفوه ببطانية، ونقلوا جثته في سيارة خاصة إلى منطقة جبلية تم فيها دفنه سرًا.
وتندرج هذه الجريمة وغيرها من آلاف الجرائم ضمن سلسلة من الانتهاكات الواسعة التي وقعت أثناء حرب النظام البائد على السوريين، حيث تكررت حوادث الإخفاء القسري والقتل خارج القانون بحق العديد من المدنيين، لا سيما في المناطق التي شهدت توترًا أمنيًا أو احتجاجات.
وتشير شهادات ناشطين من المنطقة إلى أن بلدات مثل جديدة الوادي وأشرفية الوادي كانت معاقل لعناصر موالية للنظام، تضم ميليشيات من الشبيحة والدفاع الوطني، وقد شارك بعضهم في حصار وتشريد سكان قرى ثائرة في وادي بردى مثل بسيمة وعين الفيجة.
شهادات ووقائع
كتب الناشط "مصطفى معروف" أن "جديدة الوادي وأشرفية الوادي مليئتان بالشبيحة الذين ساهموا في مأساة أهالي وادي بردى، وما زلنا ننتظر حملة أمنية تُنهي وجود هؤلاء المجرمين".
وعلق "محمد حيفاوي": "لا تدعوا الرحمة تغلبكم على من لا يعرف الرحمة. لا تنسوا الجرائم المقززة التي ارتكبوها، فالذاكرة المؤلمة جزء من العدالة".
وذكر "مصطفى س" أن آلاف الجثث قد تكون مدفونة في مناطق مثل قدسيا والديماس، خاصة في المناطق الجبلية المحيطة بمركز القوات الخاصة، مشيرًا إلى احتمال وجود مقابر جماعية.
أما "منذر أبو الوفا"، فشارك مأساة شخصية مؤلمة، حين قال: "أخي قُتل تحت التعذيب، وعندما علم والدي بالخبر انطفأت الدنيا في عينيه، وتوفي بعد ستة أشهر من الحزن".
وقال "محمود عمر": "لم يكتفوا بقتل أخي بالقصف، بل قاموا بجرف المقبرة التي دفناه فيها مع مئات الجثث. لا إنسانية ولا ضمير لديهم".
وتؤكد هذه الشهادات والاعترافات أن ملف العدالة الانتقالية في سوريا لا يزال مفتوحًا، وأن هناك حاجة ماسّة إلى محاسبة الجناة، وإعادة الحقوق لأهالي الضحايا، إلى جانب الكشف عن مصير المفقودين وتوثيق الجرائم المرتكبة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية