في صبيحة أحد أيام نيسان/أبريل 2012، خرج الشابان محمود حسين الوعر وعلي الوعر من منزلهما في مدينة حمص متوجهَين إلى عملهما. لم يعودا. وبعد ثلاثة أيام من الانتظار والبحث، وُجدت جثتاهما ملقيتين جانب سوق الهال، مقتولين قنصاً.
هكذا بدأت مأساة عائلة "الوعر"... ولم تنتهِ.
كانت العائلة معروفة ببساطتها، تعيش من تعب اليد والعمل الحر، تتقاسم لقمة العيش والضحكة في بيت واحد، جو عائلي دافئ يشبه حياة السوريين قبل أن يغتالها الرصاص.
لكن رصاص القناصة لم يكتفِ بقتل الشابين، بل تبعته سلسلة من الإهانات والتنكيل حتى بعد الموت.
عند محاولة العائلة استلام جثماني الشهيدين، تم توقيفهم على حاجز عسكري بحجة أن "الشهيدين مطلوبان"، ليُعاد تسليمهما إلى المشفى العسكري في حمص. أربعة أيام إضافية من الانتظار الثقيل... قبل أن يُسمح بدفنهما.
يروي الأخ عن ابيه، أن الضابط في المشفى العسكري صرخ عليه عندما حاول جمع جثتي ابنيه الممددتين بعيداً عن بعضهما: "اتركهم، إنهم إرهابيون".
وما زاد الجرح نزفاً، أن دفنهما لم يكن ممكناً في المقبرة العامة بسبب الزحام والخوف من القصف، فوارَت العائلة أبناءها في حديقة مجاورة لمسجد السلام، دون وداع، دون نظرة أخيرة... فقط رائحة الموت.
لم تمر أيام قليلة حتى بدأ الأب يستيقظ ليلاً منادياً محمود وعلي، ثم ذات صباح صرخ قائلاً: "لا أرى شيئاً"، إذ فقد بصره نتيجة القهر، وأصبح شيخاً لا يغادر غرفته.
أما الأم، فقد اعتادت كل صباح أن تدخل غرفة علي وتدعوه إلى العمل كما لو أنه ما زال حياً، حتى أصيبت بجلطة بعد سنوات وأودعها الحزن.
البيت الذي كان مضرب مثل بالفرح، انطفأ فيه كل شيء. العائلة تفرقت، والضحكات خبت.
هذا ليس مجرد سرد لمأساة عائلة، بل شهادة دامغة على "قهر الرجال"... أين العدالة!
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية