في مشهد صادم يعكس عمق الأزمة الإنسانية والسياسية في شمال شرق سوريا، منعت سلطات "الإدارة الذاتية" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مئات السوريين – معظمهم من غير الأكراد – من دخول وطنهم عبر معبر "سيمالكا" الحدودي بين إقليم كردستان العراق ومحافظة الحسكة.
القرار، الذي برر لاحقًا على أنه "سوء تنسيق"، جاء في وقت كانت فيه حكومة الإقليم قد استجابت لمناشدات إنسانية وسهلت عودة هؤلاء بعد معاناة طويلة.
وكان المواطنون، الذين أمضوا أشهراً وربما سنوات في كردستان، يعانون من انتهاء الإقامات والغرامات المالية. والبعض منهم لا يملك ثمن تذكرة العودة. إلى أن تدخل الإعلامي "قتيبة ياسين"، ونجح في دفع حكومة الإقليم لإعفاء العائدين من الرسوم وتأمين التذاكر، لكن المفاجأة كانت عند المعبر السوري، حيث تم طردهم والسماح فقط للأكراد بالعبور.
قصة الطرد من المعبر لم تكن مجرد حالة فردية؛ سيدة حامل في شهرها الأخير، وأخرى تحمل طفلها، من بين العشرات الذين تحدثوا عن الطرد، الإذلال، والعجز عن العودة أو البقاء. فهم من الناحية القانونية "خرجوا" من العراق، لكن سوريا أغلقت الباب في وجوههم.
وفي محاولة لتدارك الأزمة، أوضح قتيبة ياسين أنه تواصل مع إدارة معبر سيمالكا، التي وعدت بالسماح بدخول جميع السوريين بدءًا من اليوم التالي، دون تمييز عرقي أو طائفي، مؤكدة أن ما جرى كان نتيجة سوء تنسيق مع الطرف العراقي.
الحكومة تتدخل
من جهته، تواصل الإعلامي قتيبة ياسين مع إدارة معبر "سيمالكا"، التي أكدت أن ما جرى كان نتيجة "سوء تنسيق" مؤقت بين الطرفين العراقي والسوري، ووعدت بالسماح بدخول جميع السوريين، دون تمييز عرقي أو طائفي، بدءًا من اليوم التالي، مع تقديم تسهيلات لضمان عبور سلس وآمن.
في المقابل، حاولت الحكومة السورية التدخل عبر السفير السوري في العراق، مازن علوش، الذي رحب بعودة السوريين المقيمين في الإقليم، داعياً إياهم إلى التوجه إلى معبر "البوكمال" الخاضع لإشراف الدولة السورية. وأكد أن الهيئة العامة للمنافذ على أتم الاستعداد لتقديم كافة التسهيلات للعائدين.
لكن هذه الدعوة قوبلت بتساؤلات من الواقع: كيف يمكن لهؤلاء العالقين الوصول إلى "البوكمال" إن كانت إقاماتهم في أربيل لا تُعترف بها في بغداد؟ وهل يُعقل أن يتنقل المواطن في بلده كأنه يعبر بين دولتين؟ كتب أحد المعلقين: "العراق اليوم مقسم فعليًا، لا يمكننا اجتياز أراضيه بحرية".
في ظل هذه الفوضى، ارتفعت الأصوات مطالبة بتنسيق حقيقي وشامل بين دمشق وبغداد وأربيل، لضمان عبور إنساني وآمن للسوريين العائدين. كما تساءل كثيرون عن موقف الحكومة السورية من أهالي منطقة الجزيرة، وهل باتت الشرعية تُمنح لمليشيات الأمر الواقع، في حين يُترك المواطنون ضحية للصمت والتجاهل؟
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية