أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"طيور من ورق".. معرض يحاكي أرواح الشهداء والمفقودين في سوريا

في زمن يحاول فيه الطغاة تحويل الإنسان إلى رقم، والوجع إلى صمت، يأتي معرض "لِمَن لم يُذكَر… ولن يُنسى" الذي سيقام خلال الايام القادمة داخل القاعة الدمشقية بالمتحف الوطني، ليكون بمثابة توثيق بصري عميق يحفر في ذاكرة الألم والكرامة.

ويأتي هذا المعرض كصرخة فنية وإنسانية تعيد للأرواح المغيّبة أسماءها، وتمنحها أجنحة تطير في فضاء الحرية عبر مجسمات ورقية لطيور مصنوعة بتقنية "الأوريغامي" اليابانية.

وتقول الفنانة "رانيا النجدي"، صاحبة المعرض، في تصريح لـ"زمان الوصل": أن معرضها الأول هذا هو رسالة تخليد لأرواح الشهداء والمفقودين في سجون النظام السوري، حيث يمثل كل طائر من أصل 1500 طائر من الأوريغامي، اسماً لمعتقل أو شهيد، سواء عُرف اسمه أو ظل مجهولاً".

ويُعد فن "الأوريغامي" الياباني من الفنون التقليدية التي تعتمد على تحويل الورق المسطح إلى مجسمات ثلاثية الأبعاد باستخدام تقنيات الطي، وغالبًا ما تجسّد كائنات حية أو رموزًا تعبيرية. وقد اختارت النجدي هذا الفن ليكون لغة رمزية تنطق بما لا تستطيع الكلمات قوله.

وتتابع الفنانة أن "هذه الطيور ليست مجرد أوراق مطوية، بل أرواح معلقة في الذاكرة، هي محاولة لإعادة الأسماء إلى الواجهة، أسماء حاول النظام محوها وتحويلها إلى أرقام. نعلّقها على أمل أن تحلّق الحقيقة، ويُفتح باب العدالة، وتُستعاد الكرامة المغتصبة".

ويتميّز المعرض أيضًا بلوحة توضع عند مدخله، تحمل أسماء الضحايا، مع إمكانية قيام الأهالي بإضافة أسماء أحبّائهم الذين لم يُذكروا. ويمتد المعرض من 22 إلى 24 حزيران 2025، ويترافق مع فعاليات ثقافية وإنسانية متعددة تعزز الذاكرة الجمعية، من بينها: عزف موسيقي للفنان السوري العالمي كنان العظمة، وركن خاص لكتابة رسائل من أهالي المفقودين، ومساحة حوار عن أثر الغياب وأهمية التوثيق والعدالة.

كما يعرض فيلم وثائقي للمخرجة ياسمين فضة في اليوم الختامي، يوثّق رحلة البحث التي خاضتها كل من "نورا غازي الصفدي" و"ماكي هيل" عن أحبتهما المغيّبين باسل صفدي والأب باولو داليوليو.

وفاءً لا ينطفئ
وتؤكد النجدي أن هذا العمل الفني، رغم بساطته الظاهرية، غني برمزيته العميقة، ويُوجَّه إلى كل من ظُنّ أنهم طُووا في النسيان: "نحن لا ننسى... هذا الضوء لأجلكم."

ورانيا النجدي، المولودة في دمشق، درست وتخصصت في هندسة الديكور، وتعمل في هذا المجال منذ ست سنوات. ناشطة منذ انطلاقة الثورة السورية، تعرضت للاعتقال ثلاث مرات بسبب نشاطها، وكان آخرها عام 2017. غادرت سوريا في تشرين الثاني 2021 بعد ضغوط أمنية متزايدة، لكنها لم تغادر رسالتها، بل حملتها معها صوتًا ووفاءً لا ينطفئ.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(9)    هل أعجبتك المقالة (9)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي